الحجرية: صراع الإخوان مع اللواء 35 مدرع وحاضنته الجماهيرية.. "القصة الكاملة" (2-2)

تقارير - Thursday 16 July 2020 الساعة 11:58 pm
نيوزيمن، كتب/ أحمد شوقي أحمد:

هنا، التجأ التجمع اليمني للإصلاح "الإخوان المسلمون"، إلى تكتيك آخر لحسم المعركة، إذ إن عدم انجرار الحمادي واللواء 35 مدرع، إلى مواجهة عسكرية، كانت تميل لمصلحة الحمادي، قد أفشل خطة إحراق شخصية عدنان الحمادي، واستصدار قرار إقالته الذي كان جاهزاً على مكتب الرئيس هادي، والذي أوقف من قبل نجله جلال وفقاً لما قاله الحمادي شخصياً، فضلاً عن الدور الذي لعبه المحافظ أمين محمود والذي نزع الشرعية كلياً عن ممارسات الإخوان، ووظف علاقاته وإمكاناته السياسية والمادية لنزع فتيل الاقتتال الأهلي بين أبناء الحجرية، إضافة إلى مديريات صبر.

العمل على مسارين

ومن هنا كان لا بد للإصلاح من العمل على مسارين:
الأول: يتركز بقوة في إقالة الدكتور أمين أحمد محمود، الذي نزع المشروعية عن تحركات الإخوان، وتصوير الأمر باعتباره خلافاً حاداً بين المحافظ وقائد المحور لا يمكن معه سوى استبعاد الاثنين.
والثاني: توريط الشهيد عدنان الحمادي في صراع أهلي أو مناطقي، أو شق اللواء ونخره من الداخل، وإدخاله في صراع أهلي أو مناطقي، يمكن بعدها توسيع دائرة هذا الصراع بإدخال مجاميع مسلحة باسم هذا اللواء أو ذاك، لفرض الأمن، وتأجيج الصراع سياسياً وإعلامياً لما يسمح بإحراق شخصية الشهيد الحمادي، وذلك من خلال جرعة تحريض عالية تستهدف سمعة الشهيد الحمادي وتتهمه بالعمالة والارتزاق، بما يسمح من ترقية الفتنة المناطقية لتصبح تعبيراً عن مطلب وطني جامع تستقطب فيه موجة الكراهية الاجتماعية قطاعاً من المحايدين الذين يتأثرون بإمبراطورية الإخوان وقطر الإعلامية من جهة، وبالكراهية الاجتماعية وتشويه سمعة الشهيد من جهة أخرى.

>> الحجرية: صراع الإخوان مع اللواء 35 مدرع وحاضنته الجماهيرية.. "القصة الكاملة" (1-2)

نجحت خطة الإخوان في إقصاء الدكتور أمين محمود، بقرار رئاسي قضى بتغييره وهو في طائرته عائد إلى عدن بعد رحلة علاجية دامت أشهراً في كندا للتخلص من آثار محاولة الاغتيال التي تعرض لها خريف 2018م، بتفجير عبوة ناسفة استهدفته لدى خروجه من مقر المنطقة العسكرية الرابعة، غير أن خطة إقصاء الحمادي فشلت، رغم المحاولات المتكررة، بما في ذلك، محاولة الانتشار العسكري كتعزيز لأي اقتتال أهلي متوقع، والتي تكررت لثلاث مرات، آخرها، كان صدور أوامر عسكرية عليا لخروج 50 طقماً عسكرياً لمساندة القوات الحكومية التي كان يقودها وزير الداخلية الميسري في مواجهة قوات المجلس الانتقالي، حيث ربضت تلك الأطقم في مدينة التربة ولم تتقدم عقب هزيمة الميسري، وبعد عدد من المسيرات والاحتجاجات الشعبية عاد بعضها، وبقي البعض الآخر، بانتظار أي مهام قادمة.

إضافةً لما سبق، فقد فشلت محاولات تأجيج الفتنة المناطقية بين أبناء الحجرية، رغم عدد من المشكلات والجرائم التي تم افتعالها في المنطقة، وقد كان تنوع انتماءات أفراد اللواء إلى مختلف مناطق الجمهورية الشمالية والجنوبية، أثراً في كبح جماح الصراعات المناطقية، فيما كان الشحن السياسي والتعبئة والتحريض قد بلغ أثره، وأسفر في إحدى تجلياته عن اغتيال اثنين من مرافقي المحافظ نبيل شمسان، ونهب سيارتهما بحجة علاقتهما بطارق عفاش وحراس الجمهورية، وبالطبع فإن كل مشكلة أمنية يتحمل عبئها اللواء وتثير القلاقل لدى حاضنته الجماهيرية، لكن نجاح اللواء في احتواء عشرات المشكلات المثارة من هذا النوع، وتضافر جهود إدارة أمن الشمايتين بقيادة الضابط المخضرم عبد الكريم السامعي وقيادة اللواء 35 مدرع، وتعاون قوات الأمن الخاص بقيادة العميد جميل عقلان، أفشلت كل تلك الرهانات.

كما كانت الاتهامات التي تروج لها وسائل إعلام الإصلاح ضد العميد الراحل عدنان الحمادي، بعمالته للإمارات، وعلاقته ببقايا النظام السابق الممثلة بقوات طارق صالح في الساحل الغربي، إحدى وسائل التحريض ضد اللواء 35 مدرع، غير أنها أثبتت فشلها، بالنظر إلى الثقة العالية والتأييد الكبير الذي يحظى به الشهيد الحمادي، حينها لم يعد ثمة بد، من اختراق اللواء 35 مدرع ذاته، وشق صفوفه، إضافة إلى قوات الأمن الخاص، وقد تحقق بعض النجاح في هذه الجزئية، إذ أدى دس بعض المشكلات والنعرات "المدعاة" إلى خروج موقع جبل صبران، بحجة خلافات شخصية، اتخذت بُعداً مناطقياً، فيما جرى في الحقيقة شراء ذمم بعض الأشخاص والتنسيق معهم للقيام بهذه الأدوار.

ورغم الغضب الجارف الذي سببه هذا الاختراق، استطاع الشهيد عدنان الحمادي امتصاص حنق جنوده، في محاولة منه لتهدئة الأوضاع، في انتظار التوقيع على اتفاق الرياض ونجاحه، ليتخلص من العصا الغليظة التي ما زالت مسلطةً عليه، وهو احتكار القرار السياسي، وهو العائق الذي يمنعه من وضع حد للخونة، وإبعادهم من داخل اللواء، وهو الأمر الذي يدرك الحمادي تماماً تبعاته من حيث التحريض الإعلامي والمناطقي والأهلي، وسذاجة وغباء القيادة السياسية التي سيتم استدراجها لإقالة القائد الحمادي بحجة امتصاص هذا الضجيج والنقمة المدعاة.

غير أن الشهيد كان بمواجهة قدر لم يعد ممكناً معه أن يكمل مسيرته في بناء قوات عسكرية وطنية، ولا مواصلة طموحه بالعمل لبناء دولة مدنية عادلة لكل اليمنيين، إذ جرى اغتياله في 2 ديسمبر 2019م، في منزله، على هامش استعداداته للسفر إلى القاهرة للعلاج، وهي الرحلة العلاجية التي تأجلت قرابة 5 أشهر عن موعدها بسبب التوترات في المنطقة، وما زالت حادثة اغتياله إلى اليوم، تثير العديد من الاتهامات والإدانات بحق جهات وأطراف لطالما استهدفت الحمادي بشخصه ومشروعه الوطني.

وماذا بعد:
مما سبق يتضح لنا أن حياة الحمادي وكفاحه الطويل كانا من أجل مشروع، كما أن عملية اغتياله كانت من أجل مشروع أيضاً، وبالنظر إلى ما كان يمثله الحمادي بالنسبة لكثير من اليمنيين…