جلستُ مع أحد مثقفي "مسيرة الحوثي" وأذهلني الكم الهائل من النقد والتخوين والتهوين الذي لم يستثنِ منه أحدًا في هذا الكون، حاولت أن أستجمع قواي لفهم ما يرمي إليه، لكنني أُصبت بالغثيان، من كمية الالفاظ وصكوك المغفرة التي وزعها تارة والويل والثبور تارة أخرى، وبعد محاولاتي التي باءت بالفشل في مناقشة صحيحة وتجرد من التعصب الفكري والحزبي، إلا أني في الأخير التزمت الصمت واكتفيت بتحريك رأسي روحة وجيئة، بعد أن أصاب لساني التعب من ترديد كلمة: نعم... نعم، وبعد نقاش عقيم من جانب واحد استمرَّ عدة ساعات، حاول أن يضرب معي موعدًا آخر للقاء، لكنني تحجَّجت بالكثير من الارتباطات علِّي أنفك من هذا الكائن الذي لا يجيد إلا رسم الصور المفعمة بالتشكيك وشيطنة الآخرين، وهذا طبعته في مخيلته جماعة الخوثي ودوراتها التحريفية، حتى صار بشعاً بهذا المنطق الذي هالني به.
من الصفات النادرة لهذا للمخلوق الحوثي، وخصوصا مسؤولي الجانب التثقيفي في هذه الجماعة المنحرفة، هو فهمه لكل شيء، فيرسم لك المبررات، ويجذب لك صورَ الإقناع، وينسج لك الخيالات، حتى تكاد أن تصدق ما لا يُصدَّق، فمن تفسيراتهم العجيبة لآيات القران، إلى استدلالاتهم الغبية ببعض الحوادث، وصولاً إلى قناعتهم التامة بأن الشعب يقبلهم ويناصرهم، وتفكيرهم أن صمود الشعب هو بسببهم وختاماً بحديثهم عن غزوهم الفضاء وضربهم دول الجوار وخوف إسرائيل منهم ورعب الغرب كونهم قادمين!!
من المؤسف حقاً وجود هؤلاء الأشخاص بيننا، وهم بهذه العقلية والتحجر والغباء، خاصة إذا علمنا أن الكثير يستمع لرواياتهم وهرطقاتهم التي لا تخلو من بث سموم الفرقة بين أفراد المجتمع الواحد؛ فهم يتجاهلون الحقائق ويطمسون الهوية ويؤلفون تاريخًا من نسج خيالاتهم.
نقطة نظام: رغم أن النقاش مع هذا الرجل كان عقيمًا وغير مجدٍ، وعنصرياً مشدوداً للماضي بعقيدة استعلائية مقيتة، إلا أنه قادني لمعرفة عمق النكران والحقد والتخلف الذي يَكْمُن داخل هذه العقول الضحلة تجاه أي عمل وطني وإنساني وسطي، وحقدهم على كل من لم يؤمن بفكرهم ورغبتهم الدموية في إبادة من لم يتبع فكرهم ويرضى بولاية كهنوتهم.