حتى في المناصرة عاد فيها تفرقة وعنصرية ومحاباة،
يُعتقل شخص تقوم الدنيا ولا تقعد، فيما يُعتقل آخرون ولا أحد يسأل، وحتى لو تم النشر عنهم، ترى مناصرة خجولة ومترددة، فيما يكون هناك تسابق محموم على تسجيل مواقف مع بعض القضايا والأشخاص.
قبل أيام يحكم على ثلاثة أشخاص من صعدة بالإعدام بعد اعتقالهم لسنوات ولا أحد اهتم، مع أنه هناك نتائج تتحقق على المناصرة ولو بعد وقت،
لماذا لا أحد اهتز لهذا الخبر ؟!
ما الذي اختلف الآن يا ترى؟!
هل لأنهم من صعدة، أم أن هناك أسباباً أخرى لا نعرفها؟!
وكأن كل مواطن من هذه المدينة حوثي، وبالتالي يستحق القتل والسحق.
ليست المرة الأولى التي يتم فيها التعامل بانتقائية مع القضايا، أكانت اعتقالات أم حتى قصف، تظل هناك محافظات خارج الحسبة والاهتمام، فيما يكون هناك بكاء وعويل على أخرى.. بالطبع، لا أقول إنه كان هناك خطأ في مناصرة تلك القضايا، ولكني أشير لتلك التي لم تناصر، كما أنه لا يجب المفاضلة بين الانتهاكات والوقائع ولا المقارنة بينها كون كل ذلك لا يغير من الانتهاك وإن اختلف الضحايا أو من تسبب أو كان وراء أو من قام بالانتهاك.
وبما أن أغلب من يحرك المناصرات هم القادمون من تعز أو المناطق الوسطى عموماً والمحافظات الجنوبية ترى أن سير هذه المناصرات تسير في اتجاهين: إما نخبوية، وتكون لأهداف سياسية مباشرة. أو شعبوية، وتكون لأهداف دعائية وسياسية غير مباشرة، وإن لم يظهر هؤلاء أنهم مسيسون فإنهم يظهرون انتهازيين.
وربما نجا الرأي العام من العدد الأكبر من أبناء تعز، أولئك الذين عزلوا محافظتهم وأنفسهم بأكثر من قضية، وهات يا تحليل وتفسير، ولهم سنوات يعيدون ويزيدون، ولم يخرجوا بنتيجة، لا محافظ استطاع أن يمشي أموره مثل باقي المحافظين، ولا أي مؤسسة حكومية استطاعت التواجد كما يجب، ولا أن الجماعات المسلحة بفصائلها المختلفة وتمويلها المتعدد استطاعت التوصل إلى رؤية مشتركة لتسيير شئون الشارعين اللذين معها.
تعز تعيش تعقيداً، بالفعل، بسبب أن كل شخص فيها يشتي يوقع أمير، وكل شخص من هؤلاء لا يريد للدولة بالظهور لأن بالفوضى وحدها تحقق لهم التواجد والسيطرة ولو كانت على حساب آلالاف المواطنين.
تعز ليست وحدها عالقة في مأزق وعدن في مأزق والحديدة في طريقها لمأزق أيضاً، وصنعاء رغم ظهور استتاب الأمن إلا إنها تعيش أسوأ مراحلها، مرحلة من الظلم والاضطهاد والتعسف الذي يقصم ظهور البسطاء والمواطنين العزل.. كل نطاق جغرافي يعاني من فوضى تتناسب مع تنوعه وطبيعته السكانية، مع ذلك يظهر وأننا بدأنا بأقلمة القضايا والانتهاكات والمطالبة بحلول جزئية موضعية.
صرنا الآن نرى أكثر من نموذج نراقب ونقيم من خلاله سير المسيطرين عليه والنخب والفاعلين، إلا أننا بالمجمل نرى بلاداً باتت تغرق مناطقها في تفصيل وتخصيص القضايا، مع أن مشاكلها واحدة، ولن تحل تلك المشكلات إلا بحلول عامة وشاملة لكل البلاد.
*من صفحة الكاتبة على الفيسبوك