سمير الصنعاني

سمير الصنعاني

مشروع اليمنيين في مواجهة المشروعين الأممي والحوثي!!

Tuesday 20 November 2018 الساعة 08:11 am

يجمع المراقبون أن تزايد الضغوط الدولية الرامية إلى إيقاف الحرب التي يقودها التحالف العربي ضد مليشيات الحوثي والشروع في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، ليست سوى مساع لإنقاذ المليشيات الحوثية ومنحها فرصة لإعادة ترتيب صفوفها لجولة جديدة من الحرب ضد اليمنيين، بل إنها تحولت إلى نوع من محاولة دعم بقاء مليشيا الحوثي كقوة مسلحة في خاصرة المملكة العربية السعودية تستخدمها القوى العظمى لابتزاز السعودية ودول الخليج، وضمن إطار مشاريعها لإعادة رسم خارطة المنطقة.

وبغض النظر عن الأهداف الخفية من وراء تلك الضغوط، فإن ما هو محل إجماع داخلي لدى اليمنيين جميعاً بات يتلخص في استحالة الاقتناع بإمكانية تحول مليشيات الحوثي إلى طرف يساهم في تحقيق مشروع سلام ومصالحة مع الآخرين وإعادة الأمن والاستقرار والدولة إلى اليمن.

الإجماع المحلي مرده تجربة مريرة ممتدة إلى بداية نشوء الحوثية كحركة تمرد مسلحة ضد الدولة، مروراً بممارساتها ضد المخالفين لها دينيا ومذهبيا وسياسيا وفكريا وثقافيا، بل إن انقلابها وسيطرتها على الدولة ومؤسساتها ونهبها لمقدراتها وإعلانها مشروعا مذهبيا عنصريا قائما على حكم البلاد بالقوة وتمكين أبناء سلالة تدعي الانتساب لابنة الرسول، وطريقة إدارتها للدولة، وعملية الفساد غير المسبوقة التي تمارسها إلى غير ذلك من الشواهد التي تمثل ادلة واقعية وملموسة على ان مليشيا الحوثية كانت وستظل مجرد مليشيا مسلحة ذات مشروع مذهبي وعنصري مقيت، وأداة من أدوات النفوذ الإيراني في المنطقة، ووسيلة هدفها ضرب استقرار المنطقة ودولها وبالأخص السعودية.

دعكم من الثرثرات التويترية للقيادي المليشاوي الحوثي محمد علي الحوثي التي تتحدث عن السلام، فهي لا تعدو ان تكون مجرد ذر للرماد على العيون، ولنعد إلى جولات الحوار السابقة في جنيف والكويت ومسقط حيث كانت المليشيات بعجرفتها ومواقفها المتصلبة وشروطها غير المنطقية، السبب في فشل كل تلك الجولات التفاوضية وهي حالة تكررت في رفضها الحضور إلى مشاورات جنيف الأخيرة، وستتكرر لا محالة في مفاوضات السويد المفترضة نهاية الشهر الجاري.

ولنفترض، جدلاً، أن مليشيات الحوثي شاركت في المفاوضات القادمة في السويد كنوع من رد الجميل لبريطانيا التي تتزعم وتقود الضغوط الدولية الرامية إلى إنقاذها، فإن السؤال الذي سيبحث عن الإجابة عليه هو هل ستقبل المليشيات الحوثية بمرجعيات ومضمون المفاوضات، وبمقترحات الحل التي ستقدم والتي ترتكز أساسا على تسليمها السلاح وانسحابها من المدن وفي المقدمة العاصمة صنعاء والمشاركة مع الآخرين في إطار حكومة وطنية جامعة؟!

الإجابة، بلا شك، ستكون كلا لن تقبل، فالحوثية حركة مسلحة لا يمكنها الحياة دون حمل السلاح، ولا يمكنها أن تتعايش مع المختلفين دون استخدام القوة، ويستحيل أن تتنازل عن مشروعها المذهبي والعنصري وفكرها في الحق الإلهي لها بالسلطة، ناهيك عن كون الحوثية مليشيا غير قادرة على تقبل أو الاقتناع بفكرة أن الآخرين يمكن أن يسامحوها عن جرائمها التي اقترفتها بحق الشعب اليمني طيلة السنوات الماضية، وبالتالي فهي تعيش خوفا في اعماقها كحركة وكمشروع وكمليشيا غير قادر على تجاوز أن الآخرين جميعهم ضدها ولا يمكن أن يقبلوا مشروعها، وأنها لا يمكن أن تستمر في السلطة إلا أذا اتكأت على استخدام القوة والسلاح والترهيب وإقصاء الآخرين.

وإذا كانت المعطيات تشير إلى أن المبعوث الأممي مارتن غريفيث ومن ورائه بريطانيا وأمريكا لديهم مشروع بشأن إنقاذ مليشيا الحوثي، فإن مليشيا الحوثي لديها مشروع مختلف قائم على العنصرية والكراهية للآخرين والنظرة إليهم كمجرد أناس خلقوا لخدمتها، لكن أيضا فإن لدى بقية اليمنيين أيضا مشروعا مختلفا معاديا لمشروع المليشيا الحوثية، ورافضا لسيطرتها على دولته، وإصرارها على فرض فكرها وثقافتها، ومصمما على مواجهة هذه المليشيا ومشروعها بنفس أسلوبها، وتحرير المحافظات والمدن والقرى من سيطرة المليشيات واستعادة الدولة والجمهورية التي صادرتها وسرقتها مليشيات الحوثي، وإعادة اليمن إلى حاضنته العربية، وهو مشروع مدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، ولا شك أن المشروع الأخير هو الكفيل بإحباط أوهام ومخططات المشروعين الأممي والحوثي الراميين إلى تحويل اليمن إلى ساحة صراع وقتال وتصفية حسابات إقليمية ومذهبية ضد العرب وحاضرهم ومستقبلهم، وما تشهده جبهات القتال من الساحل الغربي إلى صعدة ودمت كلها تؤكد أن أحلام المليشيات الحوثية ستتبخر أمام إصرار اليمنيين على الخلاص منها مهما كانت الضغوط الدولية التي تحاول إنقاذها من هزيمة باتت تلوح في الأفق من ساحل الحديدة وبضربات مقاتلي المقاومة المشتركة الأبطال.