سمير الصنعاني

سمير الصنعاني

تكفير ما دون الصرخة.. داعشية الحوثية

Monday 10 December 2018 الساعة 06:50 pm

من يتابع خطباء المليشيات الحوثية الذين يتوزعون على مساجد العاصمة صنعاء ويرصد ما يقولونه سواءً خلال خطبهم في أيام الجمعة أو خلال الخطب التي يلقونها عقب بعض الصلوات، سيدرك بسهولة مدى (الداعشية) التي ينتهجها فكر هذه المليشيا تجاه الآخرين من المختلفين والمعارضين لها.

(داعشية) الخطاب الحوثي تتمظهر بأشكال عدة بدءاً من اتهام الآخرين (بالداعشية)، مروراً بوصم المخالفين لهم بـ(المنافقين)، وصولاً إلى (التكفير)، وانتهاءً بحجم الممارسات الوحشية بحق كل من يخالفهم أو يعارضهم في الرأي والموقف أو يخالفهم المذهب والاعتقاد.

في خطبة الجمعة بأحد مساجد العاصمة، انبرى خطيب تابع للمليشيا ليحلف بأغلظ الأيمان أن حركته وفي مقدمتهم مليشياتهم (اللجان الشعبية) هم المؤمنون فقط، وهم من قصدهم القرآن بهذا المصطلح فيما كل من يخالفهم ليسوا سوى مجرد منافقين أو كفار يتبعون لواء الشيطان المتمثل بأمريكا وإسرائيل، حد زعمه.

خطيب مليشاوي حوثي آخر يحصر الإيمان بالله فقط بأولئك الذين يؤدون صرخة الموت الحوثية، فيما من يرفضها فهم موالون للكفار، ومن يوالي الكفار فهو كافر بل وأشد خطراً من الكافر، كما يقول ذلك الخطيب الحوثي الذي جاهد في الاستدلال بآيات قرآنية، وأورد لها تفسيرات من ملازم سيده المتمرد الصريع حسين الحوثي.

أما ثالثة الأثافي فكانت ما أورده خطيب حوثي وهو يتناول مشاورات السويد بتشبيهها بصلح الحديبية واعتبار أن موقف مليشياته اليوم يشبه موقف الرسول وأصحابه في ذلك الصلح، فيما موقف المعارضين للحوثية هو موقف كفار قريش، كما زعم.

ما سبق فقط نماذج لمئات، بل وآلاف الشواهد اليومية التي يجد المتابع أو الراصد لخطاب المليشيات الحوثية الذي تكرسه عبر خطبائها الذين فرضتهم على المساجد في أمانة العاصمة صنعاء، وكلها تقدم أدلة واقعية على مدى الفكر الداعشي لدى الحركة الحوثية، وهو الفكر الذي يحصر الحق في نفسه ويرى في الآخر باطلاً، ولذلك فالحوثية ترى في كل من يخالفها المعتقد والمذهب والثقافة والفكر والسلوك مجرد كافر ومنافق وداعشي وقاعدي يجب قتاله وشن الحرب عليه تحت مزاعم الجهاد في سبيل الله، وهو نوع من النفاق والكذب الذي لا يمارسه إلا أصحاب الفكر الداعشي.

كما أن داعشية الحوثي لا تقتصر على الفكر والثقافة والخطاب الذي تقدمه للمجتمع بما يتضمنه من حصر الإيمان عليها، بل أيضاً ومن خلال السلوك والممارسة الواقعية بحق المخالفين والمعارضين لها، وهو ما يتضح جلياً في عمليات الاعتقال والإخفاء والتعذيب وحجم الانتهاكات التي تمارسها المليشيات بحق آلاف المعتقلين والمختطفين، وما ورد في تقرير وكالة الاشيوتيد برس حول هذه الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثي سوى غيض من فيض مما يمارس فعلياً في المناطق التي تحت سيطرة المليشيات بحق المعارضين لها، ناهيك عن الطرق والأساليب البشعة والقذرة في الانتهاكات التي تمارسها هذه المليشيات بحق الناس من كافة الشرائح الاجتماعية وبغض النظر عن مستوياتهم التعليمية أو الثقافية أو الاجتماعية فالجميع لديها مجرد عبيد خلقوا ليكونوا في خدمة السيد وأتباعه ومليشياته، وهو ما يعكس فكراً وسلوكاً قد يكون أخطر من الفكر والسلوك الداعشي بمراحل.

ولعل المشكلة التي يواجهها المجتمع اليوم أن مواجهة خطر الفكر الداعشي الحوثي لا تزال عملية غير ممنهجة بل وتكاد تكون مقتصرة على بعض الأصوات السياسية والإعلامية القليلة التي تحاول نقد هذا الفكر وإيضاح خطره على التعايش والسلم الاجتماعي، وهو ما يتطلب المزيد من اتحاد الرؤى والرؤية لدى كل من يستشعرون خطر الداعشية الحوثية على حاضر ومستقبل البلاد والأجيال القادمة وبلورة مشروع لمواجهة هذا الخطر.