سمير رشاد اليوسفي

سمير رشاد اليوسفي

تابعنى على

فيروس ستوكهولم!

Wednesday 19 December 2018 الساعة 04:50 pm

الحوثيّون خازوق إيراني مغروس في صعدة. سعى لمدّ جذوره جنوباً قبل أن يتصاعد ويستهدف السعودية ودول الخليج.. ولا حل ينفع معهم غير البتر والاستئصال إذا لم يتخلّوا عن عُنصريتهم! ومن يفاوضهم يقدم نفسه لهم لقمة سائغة.. وانظروا في حصيلة السنوات الأربع الماضية.

ففي المجال العسكري، صاروا يملكون أسلحة وتجهيزات لم تكن قبلاً بحوزتهم.. ومنها صواريخ كورنيت الروسيّة، تَبيّن من مقذوفاتها، التي عثرت عليها القوات المشتركة في الحديدة، أنّها صُنعت بعد إعلان عاصفة الحزم!! فكيف وصلت إليهم طالما وكل المنافذ -البرية والبحرية- لم تعد تحت سيطرتهم؟ هذا غير الطائرات المُسيّرة التي تحمل المتفجرات، وتبْرُع إيران في تصنيعها.. علاوة على الألغام الظاهرة بشكل نباتات وأحجار.. ودمى أطفال؛ تنفجر بمرور أجسام من وزن 20 كيلوجراماً فوقها.

وقد برّر وزير خارجية إيران "محمد ظريف"، في حديثه لمنتدى "الدوحة"، السبت الماضي، تصدير بلده للعنف بأنّها: "جزءٌ من المنطقة، عكس أميركا"!!

وقُوبل تبريره بعاصفة من التصفيق؛ كأنّه قال حكمة لم يسبقه إليها أحد.

‏وفي الجانب السياسي، فما انتهت إليه مشاورات السويد الأسبوع الفائت، كشف أنّ الأطراف التي يهمها أمر اليمن -وبينها دول التحالف- قد يئست من تحقيق الشرعية لانتصار حاسم على الحوثيين.. وهو ما سبق أن وَعدتْ به مراراً، وأكّدت قُدرتها على إنجازه في حال تلقيها الدعم الكافي. غير أنّ أطرافاً محسوبة عليها استمرأت المتاجرة بالحرب.. والسمسرة بمواقفها على حساب جثث اليمنيين ودمائهم.

فلا هي حاربت بجديّة، ولا تركت غيرها يحارب. كما لم تتعاون مع قوات "العمالقة والحراس والتهاميّة" الرافضين لمشروع الحوثي، ويقاتلونه باستماتة في الحديدة، ولم تتركهم يواجهونه بما لديهم من عزم وإصرار؛ فتعاملت مع انتصاراتهم في الساحل الغربيّ بضجيج مفتعل، ظاهرهُ التأييد، وباطنه التهويل والتحذير من تبعات الاستمرار في عملية التحرير؛ بتقديم تقارير مُضلّلة ومعلومات مفبركة لسفراء الدول الكبرى بخصوص الأمن في البحر الأحمر.. والوضع الإنساني في الحديدة.

كما أنها تتعمد تغيير معظم المفاوضين مع كل جولة حوار فيما يبدو عدم ثقة بهم.. وكأنّها تخشى من أن تُفضي مفاوضاتهم إلى المساس بمصالحها، التي تحرص عليها أكثر من حرصها على اليمن. وكان من نتائج ذلك: عدم وضوح الرؤية، فضلاً عن خروج الحوثيين بعد كل جولة حوار بقوة أكبر من ذي قبل.. وبغطاء تفاوضي يزداد توسعاً.

مفاوضات ستوكهولم نصر للحوثيين؛ لأنّها أوقفت عملية تحرير الحديدة.. والقول بأنّ الحوثي سيترك المدينة بتوقيع، أو سَيَفي بوعوده بعدها: "غباء وهُراء".. لأنً هذه الميليشات دأبت على استخدام المفاوضات لكسب الوقت.. وتسعى هذه المرة للحصول على إعلان أممي يلغي القرار "2216"؛ ستضيفه لاحقاً إلى أرشيفها المُتخم بحوالى 75 اتفاقاً سابقاً نكثت بها كلها مُذ كانت في صعدة.

أمّا الفرج والابتهاج بنتائج المشاورات، لاسيما من قبل التحالف والشرعية، فلا معنى له غير الرضوخ للأمر الواقع.. وتغطية الحقائق، بعد فشل الشرعية في تحقيق نصر على الأرض. أو أنّهم أصيبوا بـ"متلازمة ستوكهولم"، وهي صدمة نفسية تجعل المصاب بها يتعاطف مع عدوه، ويدافع عنه رغم خطره عليه.
وأُطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى حادثة سطو على بنك"كريديتبانكين"، في "ستوكهولم" عام 1973، احتجز فيها اللصوص أربعة من موظفي البنك رهائن لستة أيام.. تعاطف خلالها الرهائن مع اللصوص، وبعد إطلاق سراحهم؛ رفضوا الشهادة ضدهم في المحكمة، وشاركوا في جمع التبرعات لتوكيل محامين للدفاع عنهم.

إخراج الحوثيين لن يتم بغير هزيمتهم. والاستمرار في المفاوضات تفريط بوعود عاصفة الحزم التي التف حولها اليمنيون. وسواءً اقتنعت دول التحالف بهذا القول أم رفضته، سيستمر أغلبية اليمنيين بالقتال لأجل كرامتهم وحرياتهم.. ولن يهتموا بعد خيبة تجاربهم السابقة بغير أسلحتهم.. أمّا الشرعية، فقد فرَّطْت بما تبقى لشعبها من سيادة في مفاوضات السويد، وسوّدت وجوه كل من تفاءل بها خيراً.

سوّد الله وجهها.