نبيل الصوفي

نبيل الصوفي

تابعنى على

الحديدة وصراع الاستخفاف

Sunday 30 December 2018 الساعة 08:48 am

جمع الرئيس عبدربه منصور، بقايا مجلس النواب وخاطبهم عن الحديدة، كأنما هم في قلب صنعاء وفي 2009، متقمّصاً روح جنرال فاقد الحيلة موفور الخفة.

وعلى بُعد مئات الكيلومترات تتزاحم ذات الخفة وفقدان الحيلة بعناوين وشخصيات حوثية، تحتفل بانتصارها على اليهود والنصارى بحضور كاميرت، وأمس توَّجت خفتها بإعلان تسليمها ميناء الحديدة لأبنائه.

هادي يعيش بعيداً، يحمل عنه شعبه عبء المعركة، وينشغل هو، حفظه الله، بمعارك أخرى منتظراً ميلاد يمنه الاتحادي.
وفريقه التفاوضي في السويد وقد ورث كل الهوشلية التي كانت لفريق الحوثي، ولذا دخل في حملة علاقات عامة توّجها وزير الخارجية، طيب القلب، خالد اليماني، باكتشاف أن محمد عبدالسلام أخونا..

في المقابل، يكتفي عبدالملك الحوثي بانفراط عقد الجمهورية اليمنية الذي يضمن لدولته بقاء الضرورة، باعتبار صنعاء فاقدة الخيارات إلا بحمى صعدة وصبيها المُمتحَن بشهوة الحكم والسيادة ولو على الخراب.

وبادل الأمم المتحدة حملة علاقات أخرى، كشفته عارياً أمام مقاتليه..
فهادي ليس لديه مقاتل يؤثر فيه لا سلباً ولا إيجاباً، خلافاً لعبدالملك، الذي أصبحت جماعته اليوم على محك لم يخطر لا لنا ولا لهم على بال؛ بسبب السويد.. لذا يتخبط المقاتل فيها كالممسوس في مناطق بعيدة عن أعين الأمم المتحدة، ويحشد لمعارك لن تطعمه من جوع ولن تؤمنه من خوف.

فقط معارك تبقي الدم حاراً في جسد التنين المتداعي.
ويتسابق ممثلو وفده للسويد في التصريحات التي كلما حاولت ستر عورة الفضيحة زادها الله انكشافاً.

لايملك هادي من يصرِّح باسمه، لكن في صف القضية التي يدعيها هناك على الأرض قوة فاعلة يراها الحوثي ويسمعها من العمالقة والحراس والتهاميين، وهي التي استيقظ عبدالملك ومقاتلوه تحت أقدامهم في قلب مدينة الحديدة وهو لا يزال يتحدث عن معارك باب المندب التي صارت على بعد أزيد من 150 كم..

خفة العلاقات العامة بشأن الأسرى تختبرها فرق الصليب الأحمر التي تحركت ميدانياً إلى كل مكان، وإن لم تخرج هذه الفرق بمبتغاها فسيدرك العالم أن طرفي السويد مجرد شطرين من خفة العلاقات العامة.

أما في الحديدة، فالحوثي يقفز من حفرة إلى أسوأ، ها هو يعترف بأنه كان جماعة مغتصِبة لحق الناس..
يعلن أنه سلّم الحديدة لأبنائها، ليس الأمر في اعترافه الضمني هذا بانقلابيته، بل إنه يفتح الطريق لهادي لإصدار قرارات سينفذها الحوثيون الذين صار اسمهم "أبناء الحديدة" في تكرار لمشروع "أبناء حضرموت" الذي لبسه حلفاء القاعدة لها هناك قبل عامين.

وماذا سيفعل الحوثي الحاذق المتعري، إن أصدر هادي قرارات تعيد أبناء الحديدة هؤلاء إلى حضن الدولة، وتبسط نفوذ الشرعية؟

للعلم فإن وصف الأبناء هو وصف قديم لبقايا الفرس الذين حكموا صنعاء قبل الإسلام.

تتعرى الشرعية بالخفّة، وتسابقها الذراع الإيرانية في التعري، في حفلة عري تاريخي توجع اليمن واليمنيين، فهذا الزمن الرديئ قسَّم اليمن بين طرفين: ساقط وأسقط منه.