عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

"فبراير" القشة التي قصمت ظهر الوطن!

Tuesday 05 February 2019 الساعة 05:44 pm

لا يمكن انتقاء الأحداث، واجتزاء حالات ومواقف منها، لتبرير حالات الصراع والانهيار الذي حدث بالمواقف العدمية المبالغة، التي تدعي بأنها الطرف الوطني والثوري الصادق، وبأن هنالك حدثا بعينه كان يمثل طوق النجاة أو مرحلة الانهيار.

ما حدث في 2014 مرتبط بما حدث في 2011، وما حدث في 2011 مرتبط بأخطاء واختلالات سياسية معقدة، ترتبط جذورها الأولى بمسار الحركة الوطنية لسبتمبر وأكتوبر، وما أنتجت الأخطاء القديمة من أخطاء جديدة وتطورات سلبية مختلفة، تغذت على الصراع الاجتماعي والسياسي، الذي كان البديل لبناء الدولة.

بعيداً عن الحرب الكلامية العبثية، التي يبحث فيها كل طرف عن اتهامات للطرف الآخر، وتبرئة نفسه، وفصل الأحداث عن ارتباطاتها ومساقاتها، نحتاج لما هو أبعد من هذا كله.

نحتاج إلى نقد الصراع العبثي، والسطحية الثورية بمزايداتها المقززة، والذهنية السياسية الانتقائية، والانحياز لأطراف وأشخاص وجهات على حساب الموضوعية والقيم الوطنية والأخلاقية، أو اتهامهم كذلك وجعلهم السبب الرئيس والوحيد بطرق مزايدة ومبالغة.

في حقيقة الأمر يصعب تحميل طرف معين السبب الرئيسي في كل ما حدث من أزمات وانفجارات صغرى وكبرى ساقتنا للانهيار الأكبر.

حتى هذه الأحداث المفصلية يصعب إدانتها بحد ذاتها، ليس لأنها كانت لها أكثر من وجهة، بل لأنها كانت مبنية على تراكمات مختلفة وعوامل وأسباب غاية في التعقيد والتشابك، فهي إنتاج لتراكمات سلبية وإيجابية مختلطة..
تواجهت القيم مع أضدادها، وانقسمت القوى على نفسها، وتشظى كل شيء واختلط السلبي بالإيجابي..

كان بإمكان جميع أطراف الصراع الرئيسية بأن تجعل من فبراير أو من غير فبراير، فرصة لإنقاذ الوطن من عبثية صراعهم.. لكن الجميع جعل من فبراير وما قبل فبراير وما بعده فرصته لخلق أدوات جديدة يحسن استعمالها لصالحه. وبالتالي مثلت القوى الجديدة بمختلفها التي ظهرت في فبراير وقبل فبراير، كأدوات جديدة بأيدي أطراف الصراع الرئيسية، تتحكم بها كيفما أرادت وبأي وقت تريد.

ومن هنا مثل فبراير عاملاً أكبر للتشظي وتأجيج الصراع السابق بأدوات جديدة؛ فكان القشة التي قصمت ظهر الوطن، وما توالت بعده من أحداث كانت لتقطيع الوطن قطعة قطعة..

هل تريدون اليوم استعادة الوطن..؟!
غيروا نمط التفكير وترفعوا فوق الصراعات العدمية والمزايدات الثورجية، والذهنية السياسية الانتقائية، وآمنوا بأنه لابد من مراجعات جذرية وخلق ذهنية سياسية جديدة تتعامل مع الماضي بأخذ الدورس والعبر منه، بدلاً عن توظيف الأحداث في سياق صراعات عبثية.