فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

فصل المقال في أزمة حزب المؤتمر(5)

Friday 08 February 2019 الساعة 05:57 am

قلنا في المقال السابق: إن اللجنة الدائمة زكت مقترح رئيس المؤتمر في العاشر شهر نوفمبر2014، فصار الدكتور أحمد عبيد بن دغر نائبا أول لرئيس المؤتمر، وعارف عوض الزوكا الأمين العام للمؤتمر، وقبل هذا اليوم كان الرئيس هادي ما يزال أمينا عاما إلى جانب أنه النائب الأول، وحينذاك لم يبد الرئيس هادي أي احتجاج، وإنما جاء الاحتجاج من رجله الأول ومواطنه أيضا، المهندس أحمد بن أحمد الميسري (عضو اللجنة العامة للمؤتمر عن محافظة أبين)، وكانت حجته أن اجتماع اللجنة الدائمة بغرض تنصيب الدكتور أحمد عبيد بن دغر نائبا أول لرئيس المؤتمر، وإحلال عارف الزوكا أمينا عاما محل هادي يتعارض مع النظام الأساسي للمؤتمر، كما يتعارض مع إرادة مندوبي المؤتمر العام السابع، فالنظام الأساسي يقرر أن اختيار رئيس المؤتمر ونائبيه من صلاحيات مندوبي المؤتمر العام وليس من مهام اللجنة الدائمة الرئيسية، وأن الأمين العام يختاره مندوبي المؤتمر العام أيضا؛ وبالتالي فأن هادي ما يزال النائب الأول الشرعي كونه انتخب لذلك من قبل مندوبي المؤتمر العام، كما أنه ما يزال الأمين العام كون اجتماع اللجنة الدائمة في صنعاء لتزكية الزوكا لم يتوافر على النصاب المطلوب، وفي وقت لاحق سلموا بتزكية اللجنة الدائمة الأمين العام الجديد، بينما الصواب أن اللجنة الدائمة تختار الأمناء العمومين المساعدين وليس من اختصاصها اختيار الأمين العام، إذ لو كان من اختصاصها لسهل على قيادة المؤتمر الحالية في صنعاء دعوة اللجنة الدائمة لاختيار خليفة للزوكا، لكنها لم تفعل، فصادق أمين أبو راس الذي أمضى سنوات طويلة مسؤولا عن الشئون التنظيمية للمؤتمر يفهم النظام الأساسي واللوائح المتفرعة منه فهما جيدا لذلك تجنب هذه الورطة.

نعود إلى ما كنا بصدده قبل هذه الملاحظة ونقول: بعد ذلك انضم إلى الميسري بعض أعضاء اللجنة الدائمة المنتمين لمحافظات جنوبية وشرقية، لنفس الدوافع والحجج، ثم تقدموا خطوة أخرى، حيث أعلن الميسري والدكتور عبد العزيز بن حبتور ورفاقهما عزمهما تأسيس مؤتمر شعبي عام خاص بالجنوب، مع تعديل الاسم إلى المؤتمر الوطني العام، وكان ذلك مع بداية العام الجديد.

أدرك رئيس المؤتمر أن الرئيس هادي يمول هذه الحركة ويدفع بها نحو الأمام، على الرغم من أنه وجه رسالة إلى هادي قبل ذلك بأيام (أواخر شهر ديسمبر 2014) تزخر بقدر من العواطف والحدة معا، حيث ذكر له أن دعواته للمصالحة والاصطفاف الوطني لن تتحقق دون أن تسبقها مصالحة مع المؤتمر الشعبي، ودعاه إلى تجنب التمييز بين القوى السياسية، وإلغاء قراراته الخاصة بتجميد أموال المؤتمر في البنك المركزي وبقية البنوك، ومصادرة أراضيه التي شكل بشأنها لجنة من  مصلحة عقارات وأراضي الدولة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولجنة مكافحة الفساد، كما طالب الرئيس هادي بسحب قراره باستدعاء السفير أحمد علي وبقية الاتهامات الموجهة له لأنها غير صحيحة، وغرضها تشويه السمعة والإساءة، ودعاه إلى التحرك نحو إلغاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وأكد لهادي أن ليس له أو لابنه أحمد  أي مصلحة في مخاصمته.

 إضافة إلى ذلك ضمن صالح رسالته للرئيس هادي نصائح من قبيل إبعاد مستشاري السوء عنه، وأن عليه استعادة هيبة الدولة بداية من تأمين حياة المواطن واستقراره المعيشي والنفسي، ووضع آلية محددة ودقيقة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني المتوافق عليها، والشروع في انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة.. وقد تعمدنا ذكر تفاصيل رسالة صالح هنا لأنها توضح لنا أهم أسباب خلافه مع الرئيس هادي.

 لم تبدر من الرئيس هادي أي إشارة تدل على تأثير الرسالة فيه، أما الميسري فمضى بخطته نحو الأمام، وسيصبح الرئيس هادي ظاهرا فيها بعد وقت قليل؛ حيال ذلك لم يكن أمام رئيس المؤتمر سوى إصدار قرار تنظيمي بتشكيل مجلس تأديبي حيال الميسري وبن حبتور، إلا أن هذا المجلس الذي ترأسه سلطان البركاني الأمين العام المساعد، وبجانبه عضوين في اللجنة العامة كلاهما جنوبي(محمد العيدروس ومحسن النقيب) لم يتمكن من فعل شيء، إذ لم يعترف به المعنيان، وبرفضهما المثول أمامه، اكتفى المجلس بالقول إنه سوف يستمر في التحقيق في غيابهما.. ومن جهتها أبقت هيئة الرقابة التنظيمية - التي تم تحريكها في البداية- على التهمة الموجهة للاثنين، وهي تهمة معتادة: مخالفة النظام الأساسي للمؤتمر.. لقد كان ذلك في بداية شهر يناير2015، ولم نطلع بعد ذلك على ما يفيدنا أن إجراءاً تنظيميا أتخذ بحقهما، مثل تجميد العضوية أو الفصل، بل رأينا المتهم الثاني بن حبتور قد صار في السنة التالية رئيسا لحكومة الوفاق في صنعاء التي شكلت بموجب تحالف المؤتمر والحركة الحوثية!

بعد قليل من خروجه من صنعاء إلى عدن في 22 فبراير 2015، أظهر الرئيس هادي موقفه من الإجراءات التي قامت بها القيادة في صنعاء، وكان أول ما بدأ به أنه شكل - بصفته النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي- لجنة تحضيرية برئاسة الميسري ونائب له هو بن حبتور، وأسند إلى اللجنة مهمة القيام بالتدابير اللازمة لعقد مؤتمرات فرعية تضم قيادات وأعضاء المؤتمر في المحافظات الجنوبية والشرقية، يتم خلالها إعادة تكوين الفروع؛ ليلي ذلك تنظيم مؤتمر عام للإعلان قيام المؤتمر الشعبي الجنوبي.

وعلى الرغم من أن الخلاف بشأن نتائج اجتماع اللجنة الدائمة قد وضع قبل ذلك أمام هيئة الرقابة التنظيمية، فأفتت بصحة اجتماع اللجنة الدائمة الذي انتخب عارف الزوكا أمينا عاما بدلا من هادي، وأنه وفقا لنصوص النظام الأساسي للمؤتمر يعتبر الرئيس هادي النائب الأول لرئيس المؤتمر، وأعقب ذلك تسليم مؤيدي هادي بهذه الفتوى التنظيمية، فلم يعودوا يتمسكون بقولهم: إنه لا يزال أمينا عاما، وأبقوا على موقفهم الأول بأن هاديا ما يزال النائب الأول لرئيس الحزب.. ونشير هنا إلى أن صفة النائب الأول لرئيس المؤتمر ظلت ملازمة للدكتور بن دغر، وإلى هذا لم تشر هيئة الرقابة التنظيمية إلى هذا المشكل التنظيمي حينها، لسبب مفهوم، سيظهر في وقت معلوم!

مع بقاء تلك الفتوى التنظيمية سارية المفعول، قابلت القيادة في صنعاء التحركات المؤتمرية الجنوبية بالإصرار على أن هادي- الذي شكل اللجنة التحضيرية بصفته النائب الأول والأمين العام للمؤتمر الشعبي- قد أسقطت عنه كلتا الصفتان الحزبيتان يوم 10 نوفمبر2014،.

 قال متحدث رسمي باسم المؤتمر في صنعاء: "إن اجتماع اللجنة الدائمة في ذلك اليوم والاجراءات التي اتخذتها تتطابق مع النظام الداخلي للمؤتمر واللوائح التنظيمية المتفرعة عنه، وبذلك أسقطت عن هادي صفة النائب الأول لرئيس المؤتمر وصفة الأمين العام؛ بمجرد اختيار اللجنة الدائمة الرئيسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر نائبا أول لرئيس المؤتمر، وعارف الزوكا أمينا عاما.. ومن جهته رد الرئيس هادي على ذلك ردا عمليا، حيث تم الترتيب لتنظيم لقاء في عدن جمعه في الخامس من شهر مارس مع بعض أعضاء اللجنتين الدائمة والعامة الجنوبيين، إضافة إلى الميسري وبن حبتور وغيرهما في اللجنة التحضيرية التي سبق ذكرها، وفي ذلك اللقاء الذي ترأسه بصفته النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي، أعاد التأكيد على تمسكه بالمؤتمر وبصفته القيادية، وقال: "إن أدبيات المؤتمر واضحة وليس من حق أحد -مهما بلغت مكانته- الالتفاف عليها، لتحقيق أغراض شخصية أو غيرها." مشيرا بذلك إلى رئيس المؤتمر؛ وبدورهم أكد الحضور رفضهم للإجراءات التي اتخذت في صنعاء، وأنهم  يقفون إلى جانب القيادة الشرعية للمؤتمر الممثلة في النائب الأول عبد ربه منصور هادي والنائب الثاني عبد الكريم الإرياني، المنتخبين من قبل مندوبي المؤتمر العام السابع الذي عقد في مدينة عدن منتصف شهر ديسمبر2005، وشارك فيه 5260 عضوا.

وكان الرد الثاني من هادي أقوى، ولكن هذه المرة من العاصمة السعودية، حيث دفع قيادات مؤتمرية مؤيدة له إلى تنظيم لقاء عريض هناك تصدره أعضاء في اللجنة العامة في الثلث الأخير من شهر أكتوبر 2015، أعلنوا في نهايته أنهم أقروا فصل صالح ومعاونيه من الحزب وإحالتهم للمساءلة التنظيمية والمساءلة الجنائية، واختاروا رئيس الجمهورية هادي رئيسا للمؤتمر، وجددوا بقاء بن دغر وعبد الكريم الارياني بصفتيهما السابقتين: النائب الأول والثاني على التوالي. لكن هذا التدبير -على قوته كفكرة- لم يحدث أي تأثير لا لجهة هادي ولا لجهة صالح، ويظهر أن بعض أعضاء اللجنة العامة كان غير مقتنع بسلامة هذا الاجراء، إذ تحدثوا حينها عن مؤتمر عام للمؤتمر الشعبي سوف يعقد في العاصمة المصرية لاختيار قيادة جديدة للحزب بعيدا عن صالح وعن هادي أيضا، وتم في وقت لاحق تداول روايات عن قيام الدكتورين رشاد العليمي وبن دغر بتحركات لحشد التأييد لعقد المؤتمر العام الثامن في القاهرة أيضا، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث حسب ما نعرفه إلى الآن، لكن يبدو أن القيادة في صنعاء كانت تتابع تلك التحركات، ويدعم مثل هذا الاحتمال ظهور رد فعل حولها ظهر متأخرا، على الرغم من أنه جاء مقرونا بدافع إضافي سوف نشير إليه بعد قليل.

 في أبريل 2016 نشرت اللجنة العامة خبرا في الصحيفة الرسمية للحزب مؤداه أنها اجتمعت لكي توافق على قرار اتخذته هيئة الرقابة التنظيمية، يقضى بفصل عبد ربه منصور هادي، أحمد عبيد بن دغر، رشاد العليمي، ومحمد بن ناجي الشايف من عضوية المؤتمر الشعبي العام، بسبب مساندتهم للعدوان! وحينها كان النائب الثاني عبد الكريم الإرياني قد مات.

 لقد اجتمعت اللجنة العامة للموافقة على قرار هيئة الرقابة التنظيمية بفصل هادي وصحبه من عضوية المؤتمر، ووافقت على ذلك، لكنها أغفلت من حسابها سؤالا متوقعا ومبررا، كيف وافقت على قرار فصل من العضوية، بينما هيئة الرقابة التنظيمية نفسها قد أصدرت قبل ذلك فتوى تنظيمية قالت فيها إن هاديا ما يزال هو النائب الأول لرئيس المؤتمر وفقا لنصوص النظام الأساسي؟!

أما الدافع الإضافي المقرون برد الفعل المذكور قبل قليل فهو التخفف من تبعات حملة دعائية مقصودة وهادفة ضد المؤتمر تبنتها وسائل إعلام محلية متعددة للحركة الحوثية تخاطب الجمهور مباشرة وعلى مدار الساعة، عن صلة النسب بين المؤتمر ومن تصفهم مرتزقة العدوان، بل إن المؤتمر مؤيد للعدوان بدليل أن قياداته في الرياض هي التي دعت إليه وأيدته.

 لقد اعتقد رئيس المؤتمر إن نزع فعالية تلك الدعاية سيتم بذلك الإجراء الذي تم باسم اللجنة العامة وهيئة الرقابة التنظيمية، ومن جهة أخرى كان عليه تعزيز مصداقيته قبول تحالف مع الحركة الحوثية كانت تجري بشأنه لقاءات واجتماعات ليس في العاصمة فحسب، بل كانت هناك لقاءات تتم في صعدة أيضا جمعت رئيس الحركة وأمين عام المؤتمر.؛ لقد تعين إرضاء هؤلاء الذين ظلوا يوجهون سهام النقد نحو رئيس المؤتمر كونه لم يفصل مرتزقة العدوان من المؤتمر الذي بدوره لم يعلن حتى الآن براءته من قياداته وأعضاء كتلته النيابية الذين اختاروا الانحياز إلى جانب الرئيس هادي.

إن كل تلك التدابير التنظيمية المتتابعة، ومتعددة الأشكال والأغراض، لم تخدم المؤتمر بل أضرت به، وكانت مصممة بالدرجة الأولى لقهر شخص بعينه، ومع ذلك لم يتم قهره، وبعد اغتيال رئيس المؤتمر بأيدي الحوثيين ظهر جليا أن المحاولات التي كان يقوم بها الرئيس هادي ومؤيدوه - بمن فيهم الجنوبيين- في الفترات السابقة تشير إلى المكانة التي يحتلها المؤتمر الشعبي في تفكيره وتفكيرهم.

وإلى الآن لم تحاول قيادة المؤتمر في صنعاء- وحتى قيادات في الخارج مثل القاهرة وأبو ظبي- فهم أو تفهم تحركات هادي ومؤيديه الجنوبين خاصة على أهميتها، كما يفعل- مثلا- الميسري ورفاقه قيادات فروع المؤتمر في المحافظات الجنوبية والشرقية، وأحدث مثال لذلك أنهم قبيل منعطف العام 2018 أعلنوا عن تحضيرات يقومون بها لاستئناف النشاط التنظيمي للمؤتمر في العام2019، إدراكا منهم أن تفعيل أداء الفروع  ضرورة للمحافظة على مكانته الريادية، وتطوير تجربته التي احبته الجماهير من أجلها.. وفي البلاغ الصحفي الذي صدر بعد اجتماعهم في عدن برئاسة الميسري أول ديسمبر، جددوا التذكير بضرورة توحيد المؤتمر الشعبي تحت قيادة الرئيس هادي باعتباره رئيس الحزب حسب النظام الداخلي.

 وقد  وجهوا شكرهم  لقيادات المؤتمر  الشعبي في محافظة سقطرى التي بادرت إلى تفعيل النشاط التنظيمي من تلقاء نفسها، وبمبادرة ذاتية حسب ما جاء في البلاغ، وحري بالتذكير هنا أن عضو اللجنة العامة أحمد الميسري، كان قبل ذلك قد وضع المؤتمر الشعبي في الجنوب على رأس قائمة التنظيمات والأحزاب التي شاركت  في تأسيس الائتلاف الوطني الجنوبي، وتم إشهاره في عدن بداية مايو 2018، وسوف يلاحظ مطالع أهداف ومبررات تكوين هذا الائتلاف، أن تأثير الميسري فيه واضحا، حيث وضع على عاتق الائتلاف جملة من المهام من بينها الإسهام في حل القضية الجنوبية، ودعم الشرعية بقيادة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وتأييد التحالف العربي الداعم لها، والعمل من أجل تحقيق مشروع الدولة الاتحادية.

 وقيل حينها إن هذا الائتلاف الذي يضم أحزابا ذات توجهات سياسية مختلفة، وبعض فصائل الحراك الجنوبي وشخصيات عامة مثل محمد علي أحمد وأحمد مساعد حسين، تم تكوينه  في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوده عيدروس الزبيدي المعروف بمعارضته الشديدة لحكومة الرئيس هادي.

 هذا الأداء التنظيمي الذي يستهدف إعادة المؤتمر إلى الواجهة، لا يعني شيئا بالنسبة لقيادات المؤتمر في صنعاء والقاهرة وغيرهما، بل يقابل بفهم مغلوط، ففي كل مرة اعتدنا سماع عبارات من قبيل: أنهم يقدمون على محاولة مقصودة لإضعاف كيان المؤتمر.. إنهم يقسمون المؤتمر جهويا.. إنهم يسهمون في تفتيت المؤتمر.. هكذا، وكأن ما ينزل بالمؤتمر من جانبهم من وسلوى.

بقي أن نقول: إن الذي يعتقد أن تلك التحركات والأدوار التي يؤديها مؤيدو الرئيس هادي – وحتى تحركات الرئيس نفسه- تضمن له التفرد بقيادة حزب المؤتمر فهم يخطئون التقدير، لأن ثمة طرف بل أطراف أخرى تسعى لما يسعى إليه، فيتعين استمرار التواصل والحوار للوصول إلى حل مرض. وللغرض ذاته لا بد من البحث عن طريقة جيدة للتواصل والحوار مع القيادة في صنعاء فهي الكتلة الأكبر، وتقع في المركز التقليدي للمؤتمر، وهي الطرف الثاني الوازن في الخلاف حول زعامة الحزب، فكيف يسوغ تجاهلها؟ فبعد اغتيال رئيس المؤتمر استقر لدى الرئيس هادي ومؤيدوه أن رئاسة المؤتمر انتقلت إليه، وبعد قليل اجتمعت اللجنة العامة في صنعاء وقالت في بلاغها النهائي أن أعضاءها اختاروا الشيخ صادق أمين أبوراس رئيسا للمؤتمر كونه كان نائبا لرئيسه، وأنهم كلفوه  القيام بمهام الأمين العام أيضا، وفي ديسمبر الأخير وجهت اللجنة العامة دعوة للجنة الدائمة الرئيسية لعقد دورة استثنائية، (لاحظ استثنائية لا اعتيادية) وبعد ذلك بنحو عشر أيام أصدر أبو رأس قرارا تنظيميا بتكوين لجنة تحضيرية برئاسته وعضوية الأمناء العامين المساعدين ورؤساء بعض دوائر الأمانة العامة، وحتى كتابة هذه الكلمات لم يظهر بعد جدول أعمال هذه الدورة الاستثنائية لنفهم لماذا دعيت اللجنة الدائمة للانعقاد وما القضايا التي سيقف أمامها المشاركون، في غياب كثير من الأعضاء البارزين؟ مع ذلك نعتقد أنها ستعنى بمواضيع من قبيل تدعيم رئاسة أبوراس واللجنة العامة، وإحياء النشاط التنظيمي، وبحث مشكلة فقد الموارد المالية الذي بات عائقا حقيقيا أمام استئناف الأنشطة التنظيمية والسياسية والإعلامية للحزب، وتقرير موقف بشأن الخلاف الدائر، فضلا عن مستجدات الحرب والسلام.

ونخشى أن تقدم اللجنة الدائمة( وهذا من صلاحياتها) على اختيار أعضاء في اللجنة العامة، وأمناء عامين مساعدين بدلا من الموجودين في الخارج، ذلك أن هذا الاحتمال في حال تحققه سوف يزود الخلاف بوقود إضافي.

ذلك في الجهة الشمالية، أما في الجهة الجنوبية، كان ثمة فعل مشابه، نعتقد أنه كان استجابة متوقعة لنتيجة اجتماع اللجنة العامة في صنعاء، ففي أواخر شهر مارس 2018، نظم الميسري ومساعدوه اجتماعا في عدن ضم عدد من النشطاء المؤتمريين في المستويات القيادية العليا والمتوسطة والقاعدية، بعموم فروع المؤتمر في محافظات الجنوب والشرق، ليعلنوا قرارهم باختيار الرئيس هادي رئيسا للمؤتمر الشعبي العام.

 المشاركون الذين قال البيان الختامي أن عددهم جاوز الألف، احتجوا لقرارهم بعدد من الأسانيد، أهمها أن الرئيس هادي كان النائب الفعلي لرئيس حزب المؤتمر، وبعد مقتل رئيس الحزب بأيدي الحوثيين، فأن نائبه هادي يحل محله تلقائيا.

 وهناك تفاصيل مكانها مساحة المقال السادس.

 (*) عضو اللجنة الدائمة الرئيسية