سمير رشاد اليوسفي

سمير رشاد اليوسفي

تابعنى على

رئيس يُعيدُ الكرامة لليمن!

Sunday 24 February 2019 الساعة 05:06 pm

يتسمُ اليمنيون بشجاعة الرأي وإبداء ما يعتقدونه صائباً دون مجاملة. ولا يُغيَّرون قناعاتهم خضوعاً لمصلحة، أو خوفاً من أحد، مهما كان حجمه أو مكانته. وينبغي التعامل مع آرائهم بمحمل الجدّ، لا سيما في مثل هذه الفترة العصيبة.

وقد صاروا يُجمعون على خيبة أملهم في من ظنوه خيراً لهم.. وظهر أنّه مجمع الشر.

سأعود بالقراء إلى مثل هذا الشهر قبل 7 أعوام، حيثُ شهدت اليمن -بخاصة في المُحافظات الشمالية- زخماً شعبياً بالتزامن مع فتح صناديق الاقتراع أفواهها لتتلقى آراء المواطنين حول رئاسة "عبدربه منصور هادي"، مع أنّه تم التوافق عليه رئيساً انتقالياً بلا منافس، وتعميده في استفتاء كان يكفي أن يُشارك فيه عشرات الآلاف؛ ليحصد النتيجة المضمونة سلفاً.

وذلك الإقبال، كان صادماً للمراقبين والمحللين السياسيين، مما أعطى انطباعاً بأنّ اليمنيين الذين ضاقوا ذرعاً بإهدار عام كامل من أعمارهم في الاحتشاد مع طرفي الأزمة، التي عطلّت مسار حياتهم ومصالحهم، يريدون الخلاص منها.. ولو بإجماعهم على التصويت الإيجابي لتسليم السُلطة لنائب الرئيس الذي ثار بعضهم عليه. وكان لافتاً مُشاركة مُعظم أركان وأعمدة نظامه في ذلك الاستفتاء -وفيهم أولاده وأبناء اخوته- جنباً إلى جنب مع قيادات المُعارضة وثوار الساحات.. والملايين من بُسطاء لا حول لهم ولا قوة ولا مصلحة شخصية لهم في ترك أعمالهم والذهاب للاستفتاء، غير الخوف على حاضرهم ومستقبل أولادهم.. وظهر بعضهم وهم يُلوّحون لمن أمامهم بالكروت التي أشروا عليها بالموافقة على الرئيس المُستفتى عليه، مقدِّمين بفعلهم درساً عميقاً لمن أرادوا استغلال تلك الفترة الحرجة لارتهان بلادهم.

واليوم، بعد مضي سبع سنوات.. لستُ بحاجة للمقارنة، بين أيامنا هذه وتلك الفترة التي سبقت مجيئ الرئيس هادي للحكم.. ولا للشرح والتدليل على حالة البؤس والشقاء، التي صارت سِمة يُعرف بها اليمنيون.. فالفرق شاسع والاختلاف جد واسع.. ويكفي النظر إلى وجوه اليمنيين المليئة بالخوف والتوجس.. وعيونهم المُحتقنة بالهلع والفزع على وطنهم الذي كان، وكان.. وصار في خبر كان.

أما الميسورون منهم والأثرياء، الذين يسهُل عليهم الترحال والاستقرار في عواصم العالم.. ويَرَوْن بأن جمع المال، وتوفير العيش الرغيد لهم ولأسرهم خارج اليمن ليس صعب المنال، أصبحوا على يقين تام بأنّ ذلك كله لا يساوي شيئاً أمام إحساسهم بالدونية والنقص وفقدان الهوية والكرامة، ولا يخامرهم أدنى شك بأنَّ رجوعهم إلى وطنهم وشعورهم داخله بالأمان، هو سبيلهم الوحيد لاستعادة القوة والعزة والكرامة التي صارت بدداً.

وحتى مُعظم الذين خرجوا للساحات، وكانوا يظنون أنّ اليمن ستتحول إلى جنات تجري من تحتها الأنهار، بمجرد إسقاطهم النظام السابق، الذي زعموا أنّ رئيسه احتكرها لنفسه وأسرته وخاصته، وسينالونها بمنح بركاتهم ووصايتهم على بديله؛ فلما ظفروا بالحكم لم يجدوا شيئاً.. ووجدوا الفتنة التي أوقدوها تُكشرُ عن أنيابها -بعدما كانت خامدة- لتلتهمهم قبل أن تُلحق بهم خصومهم.. لا فرق عندها بين سابق ولاحق..

كانوا جميعاً يحلمون باقتصاد مزدهر، ورخاء يجنونه من باطن الأرض وسواعد الرجال.. وصاروا يتمنون عودة ما كانوا يحسبونه هيناً لأنّه كان في متناول أيديهم.. وهو عسير المنال.. وأعظم من المال: وطن آمن ومُستقر.

وأنّى لهم ذلك، بعد أن راهنوا على من رهن نفسه للعجز والكسل والنوم في العسل.. 
لقد صار هذا الرئيس عبئاً ثقيلاً على الجميع.. وفيهم الكثير من الشخصيات السياسية والإعلامية والاجتماعية التي كانت تدعمه وتؤيده.. وصارت تُجاهر بالسُخط عليه وعدم الرضا عن سلبيته رغم تقريبه لها.. ويستحق هؤلاء الثناء على موقفهم الشجاع، رُغم تأخرهم في إعلانه.. فأنْ تعلن رفضك لـ"هادي"، ولو متأخراً، خير من أن تلوذ بالصمت حفاظاً على منصب زائل ومكانة زائفة.

تحتاج اليمن اليوم إلى قائدٍ يخرج من سعير هذه الحرب أصلب من الحديد، ويُجسّد أصالة التاريخ وروح الانتماء للشعب الرافض لكهنوت الإمامة، ويحمل قلبه في كفه دفاعاً عن اليمن الجمهوري الذي كان خُلاصة المجد اليماني..
ويستردُ لنا بلدنا المنهوب من كل تيارات العُنف المؤسلم..

قائد يُعيد لعيوننا الفَزِعة المُتلفتة بريقها الُمشع بالنور والمُلتمع بالتفاؤل والأمل.. نودّعه ونستقبله بنظرات الاحتفاء والتقدير، التي سوف نحصدها من أشقائنا وأصدقائنا وحلفائنا..
ونعرفه أكثر وأكثر، في نظرات الخوف الممزوجة بالحقد، كلما صادفنا الخونة والمخادعين ممن باعوا اليمن لآيات وملالي الكهنوت الفارسي.

نريده كذلك.. لأننا نريد به ومن خلاله وطناً مستقراً آمناً.. يكون فيه الدين كُلّه لله وحده.. واليمن لجميع أبنائه دون تمييز... فتعلو حينها هاماتنا.