أمين الوائلي

أمين الوائلي

تابعنى على

ليس علينا أن نتحول إلى كلاب حراسة!

Thursday 14 March 2019 الساعة 07:33 am

محاولة حمل الناس على ترك الاختلاف والتزام نمط وصيغة وفكرة وقالب واحد، هي كمحاولة إلزام الناس بلون واحد وطعام واحد وخبرة واحدة وقناعة واحدة ورأي واحد.. ذا جنااان أقل حاجة.

تقنين أو محاولة تقنين الخلاف شيء آخر.. لكن، أيضاً، لا الاختلاف ولا الخلاف في الآراء والنقاش والقناعات النظرية المجردة هنا هو من يقرّر مصير الحرب والجبهات العسكرية، بل القادة والسياسة ورجالها وقراراتهم وحساباتهم وصراعاتهم.. هم، لا نحن.

لا تبالغوا في التسطيح.. كلٌ مخاطب بمسئوليته.. الحوثي لا يكتسح القرى والمناطق لأننا نفسبك، بل لأن الجيش مش موجود، ولأن القوة لا تجابهها إلا قوة، ولا عدل إلا إن تعادلت القوى.

ليست مناكفات سين وصاد في الفيس، مثلاً، تحدد مصير معركة في نهم، أو تخذل حجوراً وتتركها عرضة لقوة غاشمة لم تجد في الطريق قوة تردعها. 
وعندما يعبِّر مدون عن رأيه يطلع له ألف وكيل ومتطوع للدفاع عن القادة الفعليين والمسئولين الحقيقيين.. ليس علينا أن نتحول إلى كلاب حراسة في خدمة من أثخنوا الصف.

الحيل النظرية لا تجدي نفعاً في التعامل مع وقائع الواقع الفيزيائي والجغرافي لا الافتراضي.

يجدر بالسياسيين والقادة ومتقاسمي القرار والسلطة والفُهنة والرقدة والموغادة أن يخاطبوا بوحدة القرار والإرادة والمسئولية وأن يحاسبوا عليها.
ويجدر بنا وبكم وبالجميع أن يكرر هذا بصوت عالٍ.. لا أن نعفيهم ونلزم أنفسنا بطابعة كعك لأفكارنا ومنشوراتنا.

امسكوا الجماهير في المدرجات والزموها بوحدة الصف والهتاف وألزموا اللاعبين بذلك.. واجلسوا لخجوا مع بعض على شان ما حد يقهر صاحبه ويفوز عليه.. وهي إلا لعبة.

اعفونا من أسطوانة ساووا الصف وحاذوا بين المناكب والأعقاب في الفيس، وطز بقلوبكم تكون حتى مع الجن وإلا الشياطين. قولوا حاجة معقولة.

ومع سلامة النوايا والمقاصد، إلا أنه أيضاً لا سبيل إلى إلغاء الاختلافات كحالة صحية لا أنها جريمة وخطيئة تنوب عن الفاعلين والمتصرفين والمقررين وأصحاب القرار في المسئولية.

مسألة وحدة وتوحيد الصف لا تعني أبداً تنميط الجميع وقولبة العديدين في مكبس واحد.. بالعكس يجب الدفاع عن التنوع والتعدد والاختلاف تحصيناً وتثميناً لوحدة صف بشري إنساني خلاق ومختلف.

ما لم يكن خلافاً وفجوراً يطغى ويخرج من النظري إلى العملي.. وهذا حقه الترشيد لكن ليس القسر ولا الحشو ولا الإرغام. 
فالنفس البشرية تنفر من صيغة الأوامر والتوجيهات حتى وهي دينية وسماوية وترتاضها بمشقة.

التعاطي مع الأشياء والأفكار بطريقة قسرية وقبلية ووظيفية لحظية هو من المنسيات التي تجاوزها الإنسان المدرسي بالحد الأدنى، وأفضل شيء أن تبقى منسية هكذا.

فلسفة الأفكار والقيم مقدمات ونتائج تنطلق من التعدد والتنوع والاختلاف كقانون خلق ووجود. 
ما عدا ذلك ليس إلا دوراناً في نقطة واحدة وركضاً في المتر المربع الأول نفسه.

((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ)).