صالح أبو عوذل

صالح أبو عوذل

تابعنى على

السعودية وعلي محسن الأحمر

Saturday 16 March 2019 الساعة 09:58 am

في الـ21 سبتمبر 2014م، غادر الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر العاصمة اليمنية صنعاء، بعد أن سلمها لجماعة الحوثي، بدعوى تجنيب العاصمة اليمنية القتال والتدمير.
احتل الحوثيون صنعاء، التي ترابط فيها قوات الفرقة الأولى مدرع المكونة من عشرات الألوية، بناءً على تسليم رسمي من وزارة الداخلية التي وجه وزيرها الإخواني "الترب"، بعدم قتال الحوثيين واعتبارهم إخوانهم، أتوا من صعدة لحفظ الأمن في العاصمة اليمنية.

انتشر مسلحو الحوثي بملابسهم الرثة والمتسخة في صنعاء، واتجهوا صوب منازل قادة وزعماء الإخوان للاغتسال، ثم العودة إلى الشوارع لتأمين العاصمة اليمنية صنعاء، والتحضير للإطاحة بالرئيس هادي وحكومته.

في الـ21 من ديسمبر 2015، كان أول ظهور للجنرال العجوز علي محسن الأحمر، في ميناء حرض الحدودي والذي كان حينها خارج السيطرة الحوثية، واستعرض أحد المدافع، حتى إن إعلام الإخوان زعم أن قدرات المدفع حينها تفوق قدرات مقاتلات طيران التحالف العربي.

صورة وحيدة التقطت للأحمر الذي كان حينها ليس له أي صفة في الحكومة الشرعية، غير أنه هارب ومتهم بتسليم صنعاء للحوثيين، قبل أن يظهر السفير السعودي في اليمن، ليبرر له بأنه أخرجه من صنعاء في ملابس حرم السفير، والقضة معروفة، بعد أن طلب من السفير حمايته من الحوثيين.

عقب ظهور الأحمر، حينها، كتبت في صفحتي على تويتر عن الظهور الأول للأحمر "علي محسن الأحمر أو (علي كاتيوشا) القيادي الإخوان عندما غادر صنعاء في سبتمبر 2014م مر عبر مناطق السيطرة الحوثية إلى أن وصل الرياض، واليوم سوف يسعى للعودة عبر مناطق السيطرة الحوثية إلى العاصمة اليمنية صنعاء، ليعود إليها الحاكم المنقذ، ليس لليمن وإنما للجماعة الزيدية".. وهو ما بات يتأكد بعد مرور أربعة أعوام على الحرب.

السؤال الذي يفرض نفسه بعد أن أصبح الأحمر الرجل الأول في الشرعية اليمنية بفعل المال والدعم السعودي، وصاحب القرار الأول في الجيش اليمني في مأرب.. ماذا حقق الأحمر منذ أن دفعت به السعودية من أول ظهور في جبهة حرض إلى أن تم تعيينه نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة؟ ماذا حقق بعد أن أصبح نائباً للرئيس والرئيس الفعلي للجيش والقرارات الأخرى؟

أظهرت وثائق نشرت على نطاق واسع، تؤكد تقديم الأحمر لأموال لضباط في ما يعرف باللجنة الخاصة السعودية، وهي أحد فروع المخابرات في السعودية، وتبين الوثائق أن الأحمر كان يستلم دعما بالملايين من السعودية ويصرف جزءا يسيرا منها على ضباط اللجنة الخاصة الذين يكلفهم الأحمر بالتواصل مع قيادات يمنية وجنوبية.

بمعنى أدق.. أو للتوضيح بشكل أوسع.. ذات مساء من العام المنصرم، التقيت بصديق جنوبي كان يعمل في السعودية ويعرف تفاصيل عمل اللجنة الخاصة السعودية، سألني باهتمام: "تعرف أن ضباطا في اللجنة الخاصة يحركهم علي محسن الأحمر، وأن هؤلاء مهمتهم التواصل بقيادات جنوبية.
قلت له: "ربما الأمر مبالغ فيه، لكن ليس مستبعدا".. قاطعني: "ليس مبالغا ولا مستبعدا.
صمت لثوان ثم قال "في العام الماضي 2017م، سرب جهاز المخابرات السعودية وثائق تدين الأحمر تقديم هبات ورشاوى للجنة الخاصة السعودية، اليوم صحيفة قطرية وعلى لسان مراسلها المقرب جدا من علي محسن الأحمر تدافع عنه وتقول إن السعودية تريد إضعاف النائب.
وأردف: "الوثيقة الصادرة من وزارة الدفاع السعودية، وموقع عليها القائد العام للقوات المشتركة للتحالف العربي، تؤكد تقديم علي محسن الأحمر لرشاوى وهبات لضباط اللجنة الخاصة، وهذه وثيقة خطيرة وتسريبها يؤكد أن القيادة السعودية غير راضية عن ما يقوم به الأحمر، لكن يا عزيزي الذي لا تعرفه أنت ولكن يعرفه الكثير، أن علي محسن الأحمر عندما يريد يكسب أي قيادي جنوبي إلى صفه يكلف أحد ضباط اللجنة الخاصة الذي يقوم بعملية التواصل معه بدعوى أن التواصل من الجانب السعودي، لكن الكثير من القيادات الجنوبية وقعت في الفخ واكتشفت أنها تعمل مع الأحمر"، وأكثر من كذا لا أقدر أشرح لك.

أخذت الأمر أنا بنوع من عدم التصديق معقول "هذا يحصل"، ومضت الأيام ولم أعر حديث صديقي ولا معلوماته أي اهتمام، لكن الكثير يمكن تصديقه هو أن الأحمر بات يعمل على الحفاظ على الحوثيين، ولا يرغب ليس في هزيمتهم، ولكن في قتالهم، لأمر بسيط جداً، هو أن الحوثيين جماعة زيدية مثلهم مثل آل الأحمر، وأنه من المستحيل أن يقف الأحمر مع أي طرف سياسي يقود حربا ضد جماعة زيدية ترى أن حكم اليمن هو حقها الحصري.

أربعة أعوام منذ أن انطلقت عاصفة الحزم، ولم تتحرر أي قرية شمالية بما في ذلك مارب التي يتواجد فيها جيش رابض لا يقدم ولا يؤخر، فقط ينتظر كل شهر الأموال المرسلة من السعودية كرواتب لجيش جزء منه أسماء وهمية، تذهب رواتبهم إلى خزينة الأحمر النائب والرئيس الفعلي للجيش والعمليات العسكرية في شمال اليمن وخاصة في جبهة نهم وساحل ميدي.

إلى متى ستظل السعودية تراهن على قائد عسكري يقول إن الآلاف من قواته قتلوا في معركة الدفاع عن صنعاء، في حين أن السعودية تعلم أن عدد القتلى لعملية إسقاط صنعاء هم سبعة أغلبهم مدنيون، ربما هناك ثلاثة جنود قتلوا في مبنى التلفزيون خلال محاولة الحوثيين السيطرة عليه.

لماذا تراهن السعودية على طرف سياسي، تهدد أبواقه بقتال السعودية، ولو اضطرهم الأمر إلى الخروج من الإسلام.. لماذا القيادة السعودية صامتى أمام ما يحصل في مأرب؟
هل ترى السعودية أن إطالة أمد الحرب فيه مصلحة لها، خاصة وأن الإطالة تورط الرياض أكثر في خسائر مادية وبشرية؟

هل من المعقول السعودية رضخت لجماعة ابتزاز في مأرب، تمارس كل وسائل الابتزاز تجاه الرياض التي على ما يبدو أنها غير راضية على ذلك.

الأمر محير للغاية.. ونحن في الجنوب نريد نفهم؟ ما هو مشروع السعودية في اليمن؟ لماذا ساسة الرياض صامتون حيال الهجوم الإعلامي الإخواني على السعودية والصادر من مأرب؟ ولماذا السعودية صامتة حيال الهجوم الإخواني ضد أبوظبي والصادر من الرياض؟
إلى أين تقود السعودية الحرب في اليمن، أو بالأحرى إلى أين تقود اللجنة الخاصة السعودية في اليمن؟

أسئلة مهمة البحث في الإجابة عليها، السفير آل الجابر يبدو منشغلاً بمتابعة التغريدات الطريفة، والنكات، لم يعد يكفر جدياً في مستقبل الحرب التي دخلت عامها الخامس بعد أن انقضت أربعة أعوام على القتال.

قد يقول قائد إن السعودية لا ترغب في أن يكون البديل للحوثيين، الإخوان، ولكن ماذا يعني أن تدعم الرياض بناء قوات طائفية وسلالية في مأرب.. ألا تخشى الرياض في أن تصبح هذه القوات على الحدود بدعوى استعادة مدن جيزان ونجران التي يقول إعلام الإخوان منذ 2011م، إن السعودية تحتلها وإن ثورة التغيير هدفها استعادة مدن باعها نظام صالح للسعودية؟

لماذا تراهن السعودية على رئيس ترفض قيادة الجيش في مأرب وسيئون تنفيذ توجيهات بإمداد جبهة حجور التي خذلها السعوديون بالاعتماد على طرف سياسي يعمل بشكل علني وواضح لصالح الطرف القطري المتحالف مع إيران.
ويكفي