أحمد مفضل المهدي

أحمد مفضل المهدي

تابعنى على

وباء العنصرية..

Tuesday 19 March 2019 الساعة 08:24 am

يمننا اليوم تعيش محنة مؤرقة في زمن حرب عمياء أشعلتها جماعة الحوثي الطائفية وذات أيديولوجيا العنف والعبث وفي ظل بروز الأيديولوجيات بأحقادها وأدواتها المرعبة والمدمرة للمجتمع اليمني والتعايش السلمي والشراكة في الحياة السياسية والمجتمعية.

للأسف، تستمر جماعات العنف والأيديولوجيا المعقدة في رؤية نفسها هي الأَوْلَى والأحَقّ بكل شيء وبنفس الوقت تعلم يقيناً بعد تجربة مستفيضة في الواقع بأنها غير مقبولة في المجتمع ولا مرغوبة واقعاً، ولهذا تلجأ إلى استخدام أدوات غير سليمة انتقاماً من المجتمع أو عبر عنف وتحريض وتأجيج لأجل عسكرة الناس معها بالمجان، ثم بعد ذلك تتسيد على مجتمع ممزق وتحتفظ بقوتها التنظيمية والإمكانات التي حصدتها في الحرب، بينما تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تفتيت بقية المكونات الآمنة والأكثر انسجاما مع المجتمع اليمني وتُصِر على شيطنتها وزعزعة الثقة بها والتقليل من دورها لتبقى مهيمنة ولكي يظل الإقليم والعالم محتاجا لها كشرّ لابد منه ووباء يتحتم عليها التعامل معه كونه يمثل أصل المشكلة وبيده بعض الحل.

نتحدث عن الأيديولوجيات التي تعبث اليوم في الساحة اليمنية سواء أيديولوجيا جماعة الحوثي بأفكارها الطائفية السامة أو جماعة الإخوان (ببعض) فروعها ودكاكينها للأسف نجد بوضوح أن بعض منتسبي هذه الأيديولوجيات المخيفة يتغذّى على خطابات العنصرية والطائفية والتأجيج المجنون وليس لأجل إنهاء الحرب وإيقاف سفك الدماء اليمنية وإنما لأجل استمرار رقعة الصراع كونها فرصة ذهبية قد لا تتعوض.. فرصة تَمَكُّن الأيديولوجيات من عسكرة أفرادها وتدريب أعضائها والاستفادة من التمويل واستثماره في مشاريع لتأمين مستقبل الجماعات المؤدلجة..

فنجد أن الحوثي مستفيد جدا من خطابات العنصرية والطائفية والمناطقية والطبقية، لأنها تحشد له الكثير من المغرر بهم، ولأنها مادة لإقناع كل طبقة بما يتوافق مع احتياجاتها العاطفية، فالحركة الحوثية لا تستخدم هذه الأدوات في وسائل إعلامها بشكل واضح ولكنها تمارسها واقعاً كل على حِدة فتأتي للزيدي بلغة المذهب، وللهاشمي بطموح النسب، وللشافعي والمناطق السفلى بعقدة الهضبة والمشيخ، وللصوفي بفوبيا السلفية، وللحداثي بمكافحة الرجعية والاخوانجية ومدنية الدولة التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني..

وأنا أتابع فيلما قديما وثّق مرحلة الصراع في اليمن ما بين 1962 إلى 1967م أجد نفس الشعارات ونفس المحتوى وإن اختلفت الألفاظ وتم تحديث بعض العبارات لكن اللغة المعهودة لم تتغير شيئا وهكذا يتم الضحك على الجماهير المغفلة واستخدامها لتنفيذ مشاريع تخريبية وابتزازية لدول الجوار وخدمة لدولة إيران ومحورها البائس إنها دول ناقمة من كل شيء..

أتمنى أن نجد حلولا حقيقية لإزاحة كل ألوان العنصرية والعنصرية المقابلة، وهذا يتطلب أهل رشد وعقل وحكمة ينتبهوا للآثار المدمرة لداء ووباء العنصرية الذي سيفتت المجتمع اليمني الواحد.

أيضاً بإمكان الأيديولوجيات المهيمنة اليوم أن تروّج لنفسها بما عندها من قدرات وإمكانات بعيداً عن التسلق بالنسيج المجتمعي، وتنأى بنفسها عن العبث بهذه الأدوات الحادة التي تبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة ثم تختبئ في ملاجئها وكهوفها وتترك الناس يقتل بعضهم البعض ولتعلم يقيناً بأن (من سل سيف البغي قُتِلَ به).