سمير الصنعاني

سمير الصنعاني

للإخوان.. تعز أكبر من هرطقات مفسبكيكم!!

Tuesday 26 March 2019 الساعة 03:34 pm

منذ العام 2011م وحتى اليوم تعيش تعز على وقائع مآسٍ تتزايد كل يوم، بفعل عمليات الاستثمار السياسي لأزماتها بشكل خاص، واستثمارها كوقود من قبل القوى السياسية في خدمة مصالحهم في إطار الأزمة الوطنية بشكل عام.

والمشكلة الأكبر التي تواجه تعز اليوم هي أن نخبتها السياسية والإعلامية والثقافية، المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين تحديداً، باتت تحول معاناة مواطنيها وأزماتهم إلى مجرد قضايا للمزايدة والتكسب السياسي الانتهازي بشكل خاص.

ومما لاشك فيه أن قيادات الإخوان في تعز، ونتيجة لارتباطها بمشروع وتفكير قيادة الإخوان المركزية ومشاريعها التي تسيطر عليها نظرية الولاء المطلق الذي لا يرى في شيء مفيداً إلا إذا كان لمصلحة الجماعة والتنظيم؛ قد أسهم بشكل كبير في الوقوف عائقاً في خلق توجه يضمن مشاركة جميع القوى في تعز في رسم معالم مرحلة جديدة تستعيد فيها هذه المحافظة دورها في المعركة الوطنية ضد مليشيات الحوثي، فأجهض مشروع تحرير تعز عدة مرات بفعل الخوف من ظهور قيادات ونخب جديدة على ساحتها يكون لها دور في رسم مستقبل تعز.

والحقيقة التي لا مراء فيها أن نظرة الإخوان في تعز لموقعهم فيها واستمرارهم في عرقلة كل مشاريع خروجها من بوتقة التفكير المرتبط بموقف الجماعة، قد تسبب في اضطرارهم وربما رغماً عنهم إلى افتعال حروب صغيرة جداً لتصفية خصومهم في مساحة لا تتجاوز بعض شوارع المدينة التي قيل إنها تحررت من مليشيات الحوثي، لكنها في الحقيقة تحولت إلى سجن صغير تعبث فيه مليشيات الإخوان التي تطور مسماها إلى الحشد الشعبي، وأصبحت قضية تعز المحاصرة من مليشيات الحوثي مجرد قضية للعويل والصراخ الذي لا يفيد أبناء تعز وساكنيها ولا يخفف عنهم وطأة معاناتهم في شيء.

تعز المدينة تعاني من حصار مطبق تمارسه مليشيات الحوثي، ومن حالة اقتتال تفتعلها مليشيات الإخوان بين الفينة والأخرى.. وتعز المحافظة تعاني من الشتات والتمزق.. وتعز النخبة السياسية تعاني من حالة صراع مستفحل.. وتعز السكان والمواطنون يعانون إما التشرد والنزوح أو فقدان أعمالهم ووظائفهم، وكل ذلك يستغل لقضايا سياسية ومزايدة لتحقيق مصالح فئوية ضيقة لا تنظر لتعز كحامل للمشروع الوطني ومساهم فيه ولا تستعيد قراءة تاريخ هذه المدينة والمحافظة التي أسهمت في التنوير والتثوير ضد نظام الإمامة والاستعمار، وكان لها شرف الإسهام إلى جانب عدن وصنعاء في حمل راية التحرر من كهنوت الاستبداد الإمامي ومن الاحتلال البريطاني.

ما تحتاجه تعز اليوم هو أن يتخلى الإخوان عن تفكيرهم، وأن يرووا تعز التي تضم الجميع بتنوعها السياسي والثقافي والعلمي، ويدركوا أنهم لا يمكن أن يحولوا تعز إلى مجرد مدينة ومحافظة تدين لهم بالولاء والبراء كما يفعل الشخوص المحسوبون عليهم من أبناء تعز وغيرها، فتعز التي تعد الأكبر سكاناً في اليمن لا يمكن اختصارها في مليشيات الحشد الشعبي ولا في هرطقات وأكاذيب وشتائم المفسبكين والناشطين المحسوبين على الإخوان..