حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

الفتن وعلاقتها بالاستبدادين الديني والسياسي

Monday 01 April 2019 الساعة 09:12 am

الدرس الذهبي الذي تعلمته البشرية، أن الخلط بين السلطتين، الدينية والسياسية، خطأ قاتل يشعل الفتن والحرائق المذهبية، ويصادر الفكر الحر، ويقيد حرية الناس حتى في أدق تفاصيل الحياة الشخصية.

تخوض “السلطتان” الحرب اليوم بأسلحتهما الناعمة والخشنة.

فقد رفعت البيروقراطية العسكرية والملكية شعاري “محاربة التطرف وتجديد الخطاب الديني” لمواجهة الخصم الديني، في حين رفع الإسلاميون شعارات “الحرية والدولة المدنية” في مواجهة الأنظمة التسلطية القائمة.

لكنها شعارات زائفة تخفي الحلول الحقيقية لمواجهة الاستبدادين. فالشعار الحقيقي لمواجهة الاستبداد الديني هو “العلمانية” وليس تجديد الخطاب الديني أو محاربة الإرهاب. 
والشعار الحقيقي لمواجهة الاستبداد السياسي هو “الديموقراطية” وليس الحرية أو الدولة المدنية، بخاصة أن الإسلاميين يفهمون الدولة المدنية بأنها الدولة التي يحكمها “مدنيون” ولو حتى تحت شعار الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة!

إن ثنائية العلمانية لمواجهة الاستبداد الديني، والديموقراطية لمواجهة الاستبداد السياسي، تتبلور ببطء ضمن تيارات فرعية قد لا تكون لها السيطرة على الشارع اليوم، لكن أحد دروس الربيع العربي أنه لا يمكن الاستغناء عن إحداهما مقابل أخرى. فديموقراطية من دون علمانية تعني سيطرة الاستبداد الديني على الحكم حتى من طريق الانتخابات، وعلمانية من دون ديموقراطية تعني استمرار الاستبداد السياسي في طريق الهاوية.

معجزة الولاعة بين عصرين...

في بداية الثمانينيات ظهر كتاب شهير هو "آيات الرحمن في جهاد الأفغان" لعبد الله عزام.
حشر عزام في الكتاب عشرات الخرافات عن كرامات ومعجزات المجاهدين في أفغانستان.
من الطيور التي كانت تسقط طائرات السوخوي، إلى العقارب التي كانت تساند المجاهدين وتهاجم الروس، إلى السحاب والضباب الذي كان يشارك بدوره ويخفي المجاهدين ويحمي تحركاتهم، إلى القذيفة التي تفجر لوحدها 50 دبابة، إلى الملائكة التي كانت تهاجم الروس على الخيول!!

تلك الأيام كان رفض أكاذيب الكتاب مغامرة غير مأمونة العواقب، وقد جربتها شخصياً. لكن بعد سقوط أسطورة الجهاد الأفغاني ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وصار الإسلاميون يخجلون من ادعاءات الكتاب حتى اختفى من المكتبات...

لهذا لم أستغرب وأنا أسمع نفس الخرافات هذه المرة من الجهاد الشيعي. فجذور الخرافة عند الحركات الدينية واحدة، والمصير البائس لمن تقوده الخرافات واحد أيضاً.
ومن باب حفظ حقوق الملكية الفكرية فإن خرافة "الولاعة" التي تحرق دبابة مسروقة من نفس الكتاب أيضاً صفحة 109... 
كما سرقوا أيضاً خرافات أخرى مثل الشهيد المبتسم، وعدم تعفن جثث القتلى، والروائح الزكية للقتلى في الجبهات من نفس الكتاب.

ذرية بعضها من بعض، لن تقوم لدنيانا قائمة قبل القطيعة مع خرافاتها من أعماق جذورها..

* من صفحة الكاتب علی (الفيسبوك)