جلال محمد

جلال محمد

إيران والإخوان.. علاقة تاريخية وأهداف تخريبية واحدة

Saturday 13 April 2019 الساعة 02:26 pm

لا خير في جماعات الإسلام السياسي مهما كان كلامها معسولا، وهذا التحوط ليس عبثياً بل من واقع نعيشه في اليمن منذ ما يقارب عشرة أعوام، جماعتا الإسلام السياسي في اليمن "الاخوان والحوثية"، قدم كل منهما نموذجا أسوأ من الآخر، وكشر كل طرف منهم عن أنيابه في وجه الشعب الذي طالما دغدغوا مشاعره بخطبهم المعسولة وشعاراتهم الوهمية، ومهما برز للسطح خلافهم فهو خلاف مصالح وليس اختلاف توجه فكلاهما من ذات البوتقة والممول والمسير لهم واحد سواءً كان في الدوحة أو طهران.

يظهر التوافق والانسجام الحوثي-اخواني في أكثر من موقف، ولا غرابة أن نشاهد التوقف الكلي لكل جبهة تديرها جماعة الإخوان عندما تثور أي منطقة يمنية ضد الحوثي، وفي ذلك إشارة واضحة ورسالة صريحة مفادها "احسم يا حوثي ونكل بمن يعترضك فنحن هنا راقصين ومفسبكين ولن نتحرك في اي جبهة ضدك مقاتلين، فلك ما تحت يدك ولنا ما تحت يدنا، ولتذهب البلاد للجحيم والشعارات فليخرسها الشيطان"، ليس غريبا التوافق والانسجام بين جماعتي "إيران وقطر" في اليمن، فكلاهما ينفذ نفس المخطط وإن اختلفت الطريقة نوعاً ما، وجميعنا يتذكر مواقف الجماعة الاخوانية المعارضة والمتذمرة ثم المحرضة والمتآمرة ضد الدولة منذ الشرارة الأولى للتمرد الحوثي الذي قاده حسين الحوثي في 2004، وصولا لمساندة الحوثي وتهريب السلاح له واخر ذلك ما تم التحفظ عليه في تعز منذ يومين من سلاح كان في طريقه للجماعة الحوثية.

لقد رصد التاريخ العديد من التلاقي والانسجام بين جماعة الاخوان وإيران وأدواتهما، مكونين ثالوثاً إرهابيا خطيرا" يتضمن "ميليشيات إيران الشيعية وجماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية والأعوان، وكلهم معًا لتحويل العالم العربي إلى دويلات متناحرة ومتصارعة مذهبيًا وإثنيًا وجغرافيًا وسياسيًا، ويبرز دور جماعة الإخوان في العالم العربي، خصوصًا بعدما أكدت العديد من الدول العربية التي قطعت علاقاتها بدولة قطر، أن دعم قطر للتنظيمات الإرهابية -بحسب البيانات الرسمية- واستضافتها قيادات "الإخوان" كان السبب وراء قطع العلاقات.

علاقة قوية إذًا تلك التي تربط طهران بالإخوان، وقديمة قدم عمر التنظيم، فحسن البنا وسيد قطب لطالما أثارا إعجاب المرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي وجه بترجمة اثنين من كتب قطب إلى اللغة الفارسية.

وعلينا أن نعود للتاريخ لمعرفة علاقة "العشق المستمر" بين الإخوان وإيران، فبعد وصول الخميني للسلطة في إيران يوم 11 شباط 1979، كانت من أوائل الطائرات التي وصلت مطار طهران، طائرة تحمل وفدًا يمثل قيادة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، تناقلت الألسن آنذاك أخبارًا بأن الوفد طرح على الخميني مبايعته خليفة للمسلمين إن قبِل ببيان يصدره يقول فيه: "إن الخلاف على الإمامة في زمن الصحابة مسألة سياسية وليست إيمانية".

تقول الرواية، إن الخميني تريث ووعدهم بالإجابة لاحقًا، وعندما صدر الدستور الجديد للجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي يقول بـ"المذهب الجعفري مذهبًا رسميًا، وبولاية الفقيه نائبًا عن الإمام الغائب"، كان من الواضح ما هي إجابة الخميني.

مع هذا، كان الإخوان المسلمون في مصر مستمرين في تأييد الحكم الجديد الإيراني، وقد سيروا مظاهرات كبرى ضد استضافة الرئيس السادات لشاه إيران في مصر، ثم أيدوا إيران في حربها ضد العراق.

عند وفاة الخميني يوم 4 حزيران 1989، أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، حامد أبو النصر، نعيًا تضمن الكلمات التالية: "الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام، الإمام الخميني، القائد الذي فجّر الثورة الإسلامية ضد الطغاة".

وفي عهد علي الخامنئي -الذي أصبح "مرشدًا" في مرحلة ما بعد وفاة الخميني- أصبحت نظريات سيد قطب تدرس في مدارس الإعداد العقائدي لـ(الحرس الثوري الايراني)، كما برز نفوذ لمرجعيات دينية مثل آية الله مصباح يزدي، وهو الأستاذ الروحي لأحمدي نجاد، لا تخفي إعجابها بسيد قطب وتأثرها به.

أعان الله اليمن وكل وفيٍّ لها، على جماعتي الاسلام السياسي فيه، وناشطيهم المؤدلجين، الذين لا ينظرون ابعد من انوفهم، ولا يبرعون سوى في الشتائم وسيء الاخلاق، لايهمهم اليمن وشعبه ومستقبلهم فقد تقسمت ولاءاتهم وولوا وجوههم تجاه تميم والخامنئي واردوغان وكل بائع للوهم ومتشدق باسم الدين والمذهب.