فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

المثقف.. وخيانة حقوق المواطن

Thursday 04 July 2019 الساعة 11:43 pm

المثقف المحترم داعية مخلص إلى احترام حقوق الإنسان.. مدافع عن حقوق المواطن المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون تردد.. وأقول حقوق المواطن،لأن حقوق الإنسان في الصل حقوق فردية، أي تخص الفرد، أي فرد كان، وليس حقا جماعيا كحق شعب ما في تقرير مصيره مثلا.

هنا في بلادنا مواطنون من الجنسين.. صغارا وكبارا.. في الريف والحضر.. يتعرضون لانتهاكات جسيمة بأيادي أطراف الحرب كلها من وقت إلى آخر.. حتى المجانين صاروا عرضة للإيذاء من قبل عقلاء يستكثرون عليهم الجنان، ويتهمونهم بالجاسوسية.

مسلحو حزب الإصلاح ينتهكون حقوق العقلاء والمجانين والصحفيين في مأرب، وفي تعز حولوا مدارس ومعاهد ومراكز حكومية مختلفة أمكنة لإخفاء خصومهم السياسيين، وتعذيبهم منذ العام 2016 حسبما كشف هذا الموقع قبل أيام، و جماعات مسلحة موالية للشرعية تلطخ شرعية هادي و حكومته بالعار والشنار، جراء انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مناطق تسيطر عليها تلك الجماعات.. العصابة الحوثية ترتكب الانتهاكات نفسها وتتفوق على غيرها بإجادة بذر الألغام في كل مكان، حتى أنها صممت ألغاما بعبوات ذات أشكال محببة لكي تجتذب الأطفال والنساء، الأمر الي يدل على القصد الجنائي.. وتحالف دعم الشرعية ينتهك، فيعترف أحيانا ويجبر الكسر.

يأتي إعلاميون إصلاحيون يدافعون عن الشنايع، وحوثيون ينفون الفضايع، وشرعيون يطلفسون.

مثقف من هذه الجهة يقول: نعم حدث شيء من هذا، لكن هي حالات قليلة، مقابل ما يحدث في مناطق الجماعة الحوثية.

ومن الجهة الثانية يخرج آخر لكي يبرر انتهاكات ميليشيات العصابة، ويكتب أنها انتهاكات بسيطة لو قورنت بما تحدثه الهجمات الجوية لتحالف العدوان! حسب التوصيف المعتمد لدى الجماعة.

ويتهم صحفي بالإلحاد ويسجن وهو مؤمن، فيقال لك: يا رجل أنت مهموم بملحد والبلاد كلها مخربة.. ويعذب مواطن، وحين يستنكر الانتهاكات يكون الرد: دعوا المبالغة، فهي حالة واحدة فقط.. وتطارد العصابة نساء في صنعاء تلطخ سمعتهن وأهلهن وتسجنهن، ولما يظهر النكير، يرتكز إعلامي حوثي للرد، فيدافع عن الجريمة بالادعاء أن هؤلاء يدافعون عن قحـ.. أو بائعات هوى.

وتسطر منظمات محلية تقارير لحالات تم رؤيتها بعين حولاء، فمنظمة تسجل انتهاك هذا الطرف وتهمل الانتهاكات التي يرتكبها الذين تتعاطف معهم أو يدفعون نفقاتها التشغيلية.. ثم يكون تعليق مدعي الحياد والموضوعية والاعتدال: لقد حدث أكثر من هذا في الصومال.. وحدث مثله في بلدان أخرى..

إضافة إلى الموقفين السابقين هناك ثالث، يتبنى أصحابه الحث على السكوت عن انتهاك هنا أو هناك بدعوى أننا مهمومون بقضايا كبيرة.. أو يقال: هي معركة، وهي حرب من أجل الوطن، ومن الطبيعي تقع انتهاكات فغض الطرف.. ليس وقت هذا الكلام الآن!

وفي ما تقدم نحن أمام أصناف ثلاثة من الإعلاميين والمثقفين كلهم مخطئ: تذرع، وتهوين، وحث على الصمت.

الأولى، وهي التذرع أو الذرائعية تنطوي على إهدار حقوق الناس بدعوى أن مثل هذا يحدث في مكان آخر على ظهر البسيطة.. وماذا في ذلك فمثله يحدث في رواندا مثلا.. أو أصبر فما فعلوه بك ليس بشيء مع ما فعلوه بفلان وفلتان و زعطان وعلان.. و يا مريم اسكتي، وأنت أسكت يا سعيد، خلوها على الله بس، كم وكم.. اسكتوا عن الظلم الذي يلحق بكم لأن آخرين أكثر منكم يظلمون في مكان آخر، وكلنا في الهم شرق.. كما وتتضمن تبريرا للانتهاكات، وحثا على غض الطرف عن الذين يقدمون عليها.. وبالتالي ارتكاب مزيد من الجرايم..

أما الثانية وهي التهوين، فتجوز التضحية بفرد لمجرد أنه واحد. فرد فقط.. ولأنه فرد لا يستحق جلبة أو رفع صوت، بينما الأصل أن حقوق الإنسان فردية كم قلنا في البداية، فأي انتهاك- ولو كان واحدا- يعد جريمة ضد الآدمية تستوجب العقاب.

وأصحاب الثالثة يعتقدون أن القضية الكبيرة تبيح لحملتها فعل الشنايع كبيرها وصغيرها.. وفي جميع هذه الحالات أو المواقف تبدو خيانة الإعلامي والمثقف لأهله مؤكدة.