أمين الوائلي

أمين الوائلي

تابعنى على

إعتراف إيران .. إقتراب الحساب

Monday 16 September 2019 الساعة 03:25 am

مسئولية إيران الثابتة وراء هجمات السبت على منشآت أرامكو اكتسبت الأحد أنصارا كثرا بعد تزايد الشواهد حول جسامة ما حدث وأن الهجمات ليست مجرد القاء ألعاب نارية أو قذائف من علٍ.

كما أن الخبراء في هذا الشأن لديهم أسباب وجيهة وجدية لاستبعاد إمكانية طرح الرواية الحوثية الكوميديانية ولو كافتراض أو احتمال ضعيف حتى. آليا وتقنيا ولوجيستيا. الأمر مفروغ منه.

غواية الإعلانات البهلوانية المظللة على طريقة السينما لا تصمد أمام امتحان واقعي وعملية حسابية بسيطة وحاسمة فيما يشبه المعادلة الرياضية.

من زاوية الردود الإيرانية التي اختفت السبت كيف جاءت الأحد؟

في الواقع هناك نوعان من الموقف والردود، سياسي وعسكري.

التعليق السياسي الرسمي والوحيد أدلى به المتحدث باسم الخارجية في ظهران للتلفزيون الحكومي. وفي معرض النفي أهم ما قاله -بالحرف- أن الاتهامات "فارغة".

ليست هذه الجملة الموقفية السياسية التي يبنى عليها القول القاطع بالنفي. هذا أيضا مجرد كلام فارغ ولا يمتلك قيمة وقوة النفي في مواجهة الاتهام أو الادانة.

وسياسيا، ولكن بعيدا عن الأجواء الرسمية تماما، علق جواد ظريف وزير خارجية طهران في تويتر والذي قال إن أمريكا وعملائها في المنطقة غارقون أو عالقون في اليمن.

لم يشر أبدا صراحة للهجمات ولكن يفترض أن يفهم من هذا ما يفيد معنى النفي كما تبنت تقارير ووسائل إعلام تتطوع إلى مساعدة الإيرانيين على ما يبدو إلى قول ما لا يقولونه بالفعل.

على القياس، فإن كلام جواد ظريف هذا يحتمل النكاية والتشفي وهذا يؤخذ على محمل الإقرار في مثل هذه الحوادث والأوقات الخطرة وليس النفي بحال.

حسنا تهاجم إيران حقول ومعامل الطاقة في شرق السعودية. ثم يحيل وزير خارجيتها الأنظار إلى مأزق أو أزمة وحرب اليمن (!) معنى وحيد يفهم من هذا الربط، نحن هنا وهناك. إقرار مركب ومضاعف.

كما تفعل بريطانيا مثلا والمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، البريطاني أيضا، عندما ينددان بالهجمات من زاوية أثرها السلبي على الحل في اليمن. وكأن هناك حل بالفعل والخشية عليه هي كل ما يشغل هم وتفكير غريفيث والحكومة البريطانية. لكن إيران هي من هاجمت فلماذا الصرف القسري نحو اليمن ومنح الحوثيين هذه الخطورة؟

أما الرد الحقيقي والموقف الإيراني الفعلي الذي يمثل المرشد ودولة ولاية الفقيه الإيرانية فقد جاء من منصة الحرس الثوري الذي هدد بشن حرب شاملة وأعلن جاهزية إيران لخوضها. وهدد بضرب القواعد والحاملات الأمريكية في محيط انتشار مداه ألفي كيلومتر.

قائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري انتُدب لإلقاء بيان وتعليق الدولة الإيرانية والسلطات الفعلية العليا عبر وكالة تسنيم. وهو أيضا وبالمطلق لم يشر أبدا إلى الهجمات ولكنه كان يرد بالتأكيد على الاتهامات لإيران بالمسئولية ليأتي الرد والموقف هكذا: حسنا، "لطالما كانت إيران مستعدة لحرب شاملة". حرفيا.

في المحصلة إيران الرسمية، سياسيا وعسكريا لم ترفض أو تنفي الاتهامات بالمسئولية عن الهجمات. انها بالأحرى تهدد بالتصعيد إلى حرب شاملة. الاعتراف الإيراني سيد الأدلة.

استعراض القوة والتلويح بالحرب في واقع الأمر يمثل شكلا من القلق والتحفز المصاحب لحالة شعور عميق بالورطة وليس الأفضلية.

نفس الكلام يمكن أن يقال بدرجة أو بأخرى عن البيان الحكومي العراقي. استرسل في قول وطرق أشياء وقضايا كثيرة وحساسة عندما ينحصر الموقف في اللحظة حول الهجمات فقط.

يزجي بيان حكومة عبدالمهدي وصايا لدول المنطقة إزاء الحرب في اليمن. هو أيضا يقول بطريقة خاصة نوعا ما "غارقون أو عالقون في اليمن" كما قال جواد ظريف.

في آخر النهار كانت رويترز جاهزة لإعطاء الواجهة للرواية الأخرى وإقصاء الرواية الحوثية عن الصدارة. نسبت الوكالة لمسؤول أمريكي كبير إن الهجوم جاء من ناحية إيران. مضيفا أن صواريخ كروز ربما استخدمت فيه.

أضاف قائلاً ”لا يوجد شك في أن إيران مسؤولة عن هذا. مهما تحاول أن تغير ذلك، لا مجال للهروب. لا احتمال آخر. الدليل يشير إلى أنه لا يوجد اتجاه آخر غير مسؤولية إيران عن هذا“.

أما ما الذي سيحدث تاليا فلا أحد يستطيع الجزم. لكنه سيحدث. 

ليست هذه حادثة عابرة يمكن تجاوزها. 

يستحيل أن لا تحصل إيران على "المكافأة" التي تستحقها وتدفع الثمن. 

ما يصدق على إيران يصدق على أدواتها والوكلاء المحليين.

يمنيا، بصفة أخص، احتاج الأمر بكثرة إلى مفترق مصيري يحتم إعادة الاعتبار للغاية بشروطها الجماعية والإجماعية.

ويصعب الآن التفكير بتوقيت آخر أفضل أو أخطر من هذا.

عدوان إرهابي إيراني على السعودية