عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

لن تصل السعودية ولا غيرها إلى مستوى عبدالناصر

Tuesday 24 September 2019 الساعة 03:36 pm

تعقيب على مقال سمير اليوسفي "لن يكون الحوثي أقوى من عبد الناصر وصدام".

لمتابعة مقال سمير اليوسفي:

لن يكون الحوثي أقوى من صدام وعبدالناصر

إن عنواناً هكذا يستفز أي مواطن عربي عادي وبسيط، ناهيك عن المتابع والمراقب، وصاحب أقل قدر من الثقافة.

الأستاذ.. كاتب متميز وحصيف، لكنه وقع في أخطاء كارثية بهذا المقال، من حيث العنوان، ومن حيث اجتزاء الحقائق وتحريفها.

لم أقف بحياتي يوماً مدافعاً عن ناصر، وخضت مع أصدقائي الناصريين جدالاً كبيراً في نقدي له. لكن الحقائق تظل أكبر من أي انحياز.

كيف تدخّل عبدالناصر وكيف خرج منتصراً؟

ًالتدخل المصري جاء لعديد مبررات موضوعية وقانونية لا يمكن بأي حال مقارنته بما قام به صدام من همجية إطلاقاً، ناهيك عن المقارنة البعيدة جداً بالحوثي.

عبد الناصر خرج منتصراً وخرجت السعودية منهزمة، رغم تضحيات مصر والوضع المعقد الذي انصدمت به.

لعبد الناصر أخطاء في التفاصيل، ولكون الوضع اليمني معقداً بحد ذاته.

كل من حكم اليمن بكل ما له من قدرات وعظمة ينتهي به المطاف مقتولاً أو خاسراً، وتوأد كل خططه. حتى التحالف اليوم خمس سنوات لم يصل إلى نتيجة ولا غيره وصل إلى نتيجة، رغم تضحيات مهولة للكل.

وبالتالي فالتضحيات التي قدمها الجيش المصري، هي تضحيات طبيعية جدا مهما كانت مهولة.

لكن الأستاذ يخطئ حين يصور تضحيات الجيش المصري على أنها فشل لعبد الناصر، وأن تدخل ناصر مخطئ من الناحية المبدئية.

تدخل ناصر القانوني والاضطراري وجنوحه للحل.. لم يكن عبثياً ولم يكن بحثه عن حل مؤخراً، كان بحثه عن الحل من البدايات الأولى.

يصور الأستاذ بمقاله بأن ناصر لجأ خاضعاً للسعودية في الأخير بعد أن خسر الكثير من جيشه.

ويمكن تفنيد خطأ هذا الزعم من خلال الرجوع إلى المصادر التاريخية التي أرخت ووثقت المراحل كلها بتدرج تدخل ناصر حتى خروجه.

كانت السعودية وغيرها مصرين على وأد الجمهورية الوليدة، فقدموا دعما هائلا للبدر لمحاربة الجمهورية، وتمركز البدر وقواته على حدود السعودية، وللدعم السخي الذي تلقاه انضم له العديد من القادة العسكريين والقبائل.

في 29 سبتمر 1962 كانت مصر أول من أعلنت اعترافها بالجمهورية.. جاء بعد ذلك أن أرسلت الجمهورية برقية لعبد الناصر في 3 أكتوبر 1962 تؤكد فيها سريان وثيقة مفعول اتفاقية الدفاع المشترك لعام 1965، وعزمها على الالتزم بنصوص الاتفاقية.

رد عبدالناصر على البرقية بأن الجمهورية منذ بداية اللحظات الأولى للثورة الشعبية قد التزمت بنصوص الاتفاق.

في 28 سبتمبر هبطت أولى الطائرات المصرية بصنعاء وتعز.

وفي 8 نوفمبر 1962 وقعت اتفاقية الدفاع المشترك بين اليمن ومصر..

الدعوة المبكرة للحل السياسي

في 19 ديسمبر عام 1962 عبرت الحكومة المصرية عن استعدادها لاستدعاء قواتها من اليمن في حال إيقاف السعودية والأردن مساعدتهما للملكيين وسحب المستشارين من التشكيلات الحربية للملكيين.

التوجه العلمي للحل وتعنت الآخر

وفي أوائل 1963 وافقت الجمهورية ومصر على زيارة ممثل الأمم المتحدة لليمن للبحث عن مخرج للنزاع في اليمن، إلا أن السعودية أبقت مشاركتها في العمليات الحربية المباسرة إلى جانب الملكيين، رفضوا مقابلة ممثل الأمم المتحدة.

في أبريل 1963 عقد مؤتمر الرياض لأرباب النظام الملكي بمشاركة الضباط السعوديين، حيث أقر هذا المؤتمر إنشاء لجنة عرفت باسم (مجلس مكافحة الجمهورية).

الأمر الثاني: الإطلاق على سبتمبر الثورة الناصرية وأنها حاربت الزيدية، حتى إن حربها على الزيدية هو الذي أنتج الحوثي الذي تحول من مظلوم إلى ظالم.

ليس هنالك أحد يطلق على سبتمبر الثورة الناصرية ولا أحد يدعي بأن من صنعها ناصر من كل رجالات الحركة الوطنية الذين اختلفوا مع عبد الناصر وعارضوا التواجد المصري.. كما يزعم الأستاذ.

ناصر وقف معها وحارب من أجلها، وكانت حركة الضباط الأحرار متأثرة بعبد الناصر، لكن لم يكن هنالك أي اتصال بعبد الناصر، ولم يعرف عنها إلا بعد حدوثها، وإن كان الضباط الأحرار هم الجناح العسكري للثورة فإن الثورة كانت متعددة من كل النضالات المختلفة.

صحيح بأن عبد الناصر كان يستحوذ على القرار العسكري بشكل عام، وهذا ما جعل بعض الثوار يعارضه، لكن بشهادة البردوني وكثير من المؤرخين، فإن الجيش المصري لم يكن يتدخل بأي تفاصيل يمنية في الصراعات الداخلية.

لو افترضنا جدلاً بأن محاربة الزيدية جاءت من المحسوبين على عبد الناصر والثقافة الناصرية، فإن المحسوبين على هذا لم يحكموا غير الجمهورية الأولى، وأتت الجمهورية الثانية مختلفة عن الجمهورية الأولى بعد أن عارضتها مبكراً، ثم جاءت الجمهورية الثالثة تتبنى رؤية مختلفة، ثم جاءت الجمهورية الرابعة تقدم مساراً مختلفاً.

فكيف أنتجت الجمهورية الأولى الحوثي؟! أي منطق يمكن أن يقبل هذا الكلام؟!

الحقيقة أنه لا أحد حارب الزيدية واستفزها غير التوجهات السلفية والأيديولوجية التي دعمتها السعودية.

...يتبع