د. فاروق ثابت

د. فاروق ثابت

حكاية صنديد في خنادق اللون والريشة

Saturday 12 October 2019 الساعة 09:19 pm

 

رشاد السامعي.. فنان الشعب في زمن الارتزاق!

الريشة كالرصاصة، كلاهما يقتل، رغم فارق الوزن بينهما، غير أن المدهش بأن يكون الأخف هو الأكثر تأثيراً..

هل كان ذلك الشاب المولود في تعز في العام 1975 يعلم أنه سيكون ذات يوم المثل الأعلى في القيم والأخلاق والمبادئ في زمن ضاعت فيه الأخلاق والقيم والمبادئ؟!

انطلق منذ بداية حياته يحمل هم وطنه في عقله وقلبه ويديه.. إنه البطل الصامت عن الكلام، خريج علم النفس من جامعة تعز، المتحدث بطلاقة في عوالم الرسم والكاريكاتير والتعبير الفنان رشاد السامعي.

يقول جيمي كارتر "الفن لغة مشتركة تتجاوز كل الحدود".

قد تكتب مقالات للتعبير عن مواقفك دون اكتفاء، وقد تصنع فيديوهات لنقل أحداث ما، وقد تسجل رسائل صوتية كثيرة لتوضيح اهدافك، غير انه من الصعب ان تجسد الثلاث معا في وقت واحد لنقل ما تريده.

وهكذا يفعل رشاد السامعي، إذ بامكانه ان يختزل مئات المقالات والصور في كاريكاتير واحد مختصرا الزمن والمسافة والكلام.

ذات يوم في أحد شتاءات صنعاء كنا على موعد مع ورشة تدريبية بتنظيم من برنامج تنمية المرأة العاملة التابع لوزارة العمل ممول من الأمم المتحدة.

كان لي الشرف بالتعرف على شاب أنيق ووسيم لم أكن أعرف انه رشاد السامعي الذي اسمع عنه واتابع كاريكاتوراته الا في الصحف، فوجدته شابا هادئا متقدا بالحيوية والنشاط ومكتظا بالخلق الرفيع.

في عالم القرية الكونية بات العالم اشبه بشقة سكنية وفقا ل"مارشال ماكلوهان" بفعل ثورة الاعلام والديجتال والتكنولوجيا، ولكن هذه الشقة اصمت القاطنين بالضجيج الذي جعل المتلقي لا يميز بين الجيد والسيئ، والغث والسمين، والهادف وغير المجدي، بل اختلط كل شيء لدى المتلقي.

وحده رشاد السامعي يستطيع أن يوصل رسالة الناس بنجاح من حيث ظهورخ بثبات ليكون المتحدث عن اليمني المقهور في الداخل والخارج في ظل الصراع والارتزاق الراهن وضجيج التخندق المصلحي بين الاطراف الذي جعل اعلام الكثير منهم مجرد هراء على حساب القضية المركزية.

فكاريكاتير واحد من أنامل رشاد بإمكانه اختزال كل شيء وإيصال الرسالة بقوة.

أنجز رشاد عشرات الكاريكتورات مؤخرا حول حصار تعز، بل وبات المتحدث الرسمي للقضية في وقت أهمل الكثير ذلك بل وباتوا مجرد متاجرين بالقضية على حساب أبناء المدينة المقهورة بالجوع والفقر والمرض والعطش والحصار.. وقبل ذلك لم يدع شيئاً في اليمن تالم منه الناس الا وترك بصمات أنامله فيه موثقا باللون منتقدا دون مواربة كل من تمتد يداه لايذاء الشعب دون التمترس لأي طرف كان.

يستحق رشاد لقب فنان الشعب عن جدارة، إنه ريشة المقهورين وسلاحهم في وجه الأوغاد من تجار الحرب المتاجرين بمعاناة اليمن عامة وتعز خاصة.