محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

ماذا لو كان طارق صالح في فنادق الرياض؟!

Saturday 19 October 2019 الساعة 07:14 pm

حالة الهستيريا التي عاشها الإخوان المسلمون في اليمن وجماعة الحوثي عقب خطاب العميد طارق صالح قائد حراس الجمهورية غير طبيعية، وليست في الحد المعقول التي تندرج تحت التكيف السياسي لخطابات الخصوم.

وتيرة التقدم في وحدة اندماجية لجماعة الإرهاب بقطبيها الإخواني والحوثي وصلت إلى مرحلة ما قبل النهاية، وكان خطاب طارق صالح قد ساهم بالتعجيل لتنفيذ بعض بنود تبادل الثقة بين الجماعتين، وذلك من خلال إطلاق مجرمين في سجون الحوثي متهمين بقتل عدد من مسؤولي الدولة في العام 2011م وينتمون لجماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على الشرعية حالياً.

بعيداً عن التوصيف الذي ستكتبه تقارير "جريفيث" عن صفقة تبادل أسرى بين الطرفين، إنهم يبيعون دماء الضحايا في سوق النخاسة السياسية، لا يوجد في العالم أن يتم إطلاق سراح مجرمين ارتكبوا جرائم قتل العمد مع سبق الإصرار والترصد دون محاكمة أو حكم شرعي.

لكن العهر السياسي والاسترخاص بدماء الناس هو ديدن هذه الجماعات المتطرفة، لا تأبه بما ستؤول إليه الأمور، وماذا سيكون عليه أهالي الضحايا من وجع وألم، وتطرف نحو الانتقام لضحاياهم.

ما حدث شيء متوقع وطبيعي في ظل سقوط الدولة وخلع ثوب الحياد عن القضاء، وتحول القضاة إلى مرتزقة يبيعون ضمائرهم بلا أحكام شرعية، نحن نعيش في غابة تفتك بنا هذه الجماعات الإرهابية، وبأسلوب وحشي. تصفه الأمم المتحدة بتطور إيجابي وتظافر الجهود نحو الإبادة الشاملة.

من يعتقد أن الإخوان يقفون أو يحاربون جماعة الحوثي فهو واهم، وإن كان في فنادق الرياض وهو مؤمن بذلك فهو مخادع لنفسه، لأنه لو تحدث بتلازمية الجماعتين ووحدة أهدافهما، سيتوقف عنه صرف الراتب بالدولار.

هذا خطاب واحد لطارق أظهر ما كان يُخفى عن عقول البعض، وبيّن خلف السطور أن الحرب طيلة خمس سنوات كانت مجرد للثراء والتنزه بين جثث الشعب وبيوتهم المهدمة ومزارعهم الملغمة، والأهداف بعيدة عن عودة الجمهورية أو الدولة، لعل الغفلة داهمت عقول البعض وحجبت عنهم رؤية الإخوان المسلمين وجماعة الحوثي حول الجمهورية والديمقراطية.

اليوم الحرب لا يمكن توصيفها بأنها حرب الشرعية ضد جماعة الحوثي الإرهابية، يجب أن لا نكذب على أنفسنا ونظل نُمنّيها بالأحلام الوردية أن الحرب ستنتهي بعود صنعاء وانكسار الحوثي في ظل قيادة الشرعية الإخوانية المترهلة والمفضوحة بفسادها وأهدافها المشبوهة.

ولا يعتقد البعض أن التقارب والوحدة بين الحوثي والإخوان سينهي الحرب في اليمن، حتى وإن استقر الهدوء فإن الحرب ستعود بشكل آخر، لأن هذه الجماعات لا يمكنها أن تحكم إلا في ظل الحرب، ولا يمكن أن يقبل المجتمع بحكم ثيوقراطي كهنوتي يسلبه الحرية.

الخطر من جماعات الإرهاب في اليمن "الإخوان -الحوثي" هو دائم طالما لم يتم كسرها، السعودية لن تكون في مأمن من هذا الخطر حتى وإن اعتقدت بتحكمها وسيطرتها على هذه الجماعات تحت مظلتها ودولاراتها، ولعلنا نلاحظ كمية التماهي السعودي مع التقارب بين الإخوان والحوثي، ولن تستيقظ المملكة من حالة الخديعة التي تمر بها إلا بعد أن تتألم منهما.

اليوم اتضحت كل الشواهد والرؤى، وانفضحت كل الأهداف التي تخفيها جماعة الشرعية الإخوانية -أما أهداف الحوثي فهي واضحة- واتضح للجميع أن العودة إلى صنعاء لا يكون عبر ممرات الفنادق، وأن الجمهورية لا تستعاد من خلال هشتاقات إعلاميي "مسعده".

أخيراً لو كان طارق صالح في فنادق الرياض لكان الأمر أسهل على المجتمع بالخضوع والاستسلام لجماعة الحوثي، والتسليم بضياع الجمهورية وإلى الأبد، والإيمان المُذل بالخرافة وتلقي الجهل من أفواه الجهلاء كوسيلة للتعليم وصناعة العبودية.

لكن بقاءه في الساحل الغربي وإنشاءه لقوات حراس الجمهورية وثباته على الإيمان بالجمهورية كحاضنة للجميع في ظل المساواة، هو الأمل الذي عزز من صمود المجتمع والأمل بعودة الحياة إلى طبيعتها، وهذا الشيء يخيف الإخوان والحوثي معاً، وهو ما أثار جنونهم.