حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

"الطائفية" خطر داهم يهدد الشعوب والمجتمعات

Saturday 02 November 2019 الساعة 02:37 pm

لا تخدم الطائفية أفراد الطوائف ولكنها تخدم النخبة، أما الأفراد العاديون المؤيدون للطائفة أو المقاتلون في صفوفها فيسقطون سريعاً في مستنقع الفقر والنسيان ما إن تحقق الميليشيا الطائفية هدفها.

والحركات الطائفية ليست حركات شعبية (رغم اعتمادها على الجماهير) ولكنها حركات نخبة يقودها سياسيون "شعبويون" يرون في الطائفة فرصة لتوفير المقاتلين والمال والحشد السياسي لتعزيز الموقع التنافسي على السلطة.

في النظام الطائفي يسقط المجتمع كاملاً بما فيه أفراد الطائفة في الفقر والأمية والمرض.. فقراء وبسطاء الطائفة يدفعون الثمن مثلما يدفعه بقية أفراد الشعب.

ما يجري اليوم في لبنان والعراق تأكيد على لحظة انفصال أبناء الطوائف عن النخب الطائفية، والعودة إلى خطاب المواطن والمواطنة والدولة الوطنية الديمقراطية.

في وقتنا الراهن.. ينظر الشاب حوله فلا يجد غير الحروب والطوائف والخراب. فماذا يفعل؟
قد يكون لليأس إغراؤه القوي الذي سيوحي له أن ينتظر حتى ينصلح الحال.

وقد يقول لنفسه إن صلاح حال الأفراد لن يكون إلا بصلاح حال المجتمع ككل، فيضم نفسه ضمن جماعة تسعى للتغيير العام عبر السياسة أو عبر القتال أو عبر الانضمام لحركة شمولية.

لكن نصيحتي أن يبحث الشباب اليوم عن مشاريعهم الفردية وعن خلاصهم الفردي بدل الانتظار الطويل للخلاص الجماعي، وبدل تضييع طاقاتهم في المشاريع الجماعية الانتهازية أو الفاشلة.

وإذا كانت أحداث العقد الأخير في الوطن العربي قد أثبتت شيئاً فهو فشل المشاريع الجماعية والشعارات الكبيرة.

وصيتي البسيطة لكل شاب وفتاة: ابحث عن مشروعك الفردي الذي يكفل نجاحك في المجتمع وأمانك المادي، ولا تشغل نفسك بأوهام الخلاص العام تحت شعارات الثورة أو الشرعية أو الصمود فالظروف لم تنضج بعد لحدوث تغيير حقيقي.

تعلمت أن المجتمعات والتنشئة الاجتماعية تفرز نوعين من الشباب: النوع الأول الشباب/الفتيات الذين يحبون ذواتهم ويبحثون عن كل الفرص المتاحة لتطويرها، وهؤلاء ينضمون غالباً للجمعيات المهنية والشركات والمؤسسات التي تقدم فرصاً للتطور الذاتي والمادي والوظيفي.. وأغلب شباب الدول المتقدمة من هذه النوعية.

أما النوعية الثانية فهم الشباب/الفتيات الذين يكرهون ذواتهم ويبحثون عن قضية أكبر أو انتماء أكبر تختفي فيه ذواتهم، وهؤلاء غالباً ما ينضمون للحركات الشمولية والأحزاب الإيديولوجية والجماعات الدينية وجماعات الجهاد.
وللأسف أن أغلب شباب البلدان النامية من هذه النوعية.

أما بالنسبة للفتيات في المجتمعات التقليدية فكثيراً ما يكون الزواج والإنجاب السريع هو "الانتماء" الأوسع الذي "تقتل" فيه الفتاة ذاتها غير المحبوبة.

إنني أؤمن بقدرة الفرد على النجاح في أسوأ الظروف.. فحدد مشروعك الخاص بأفق واسع لتحقيقه، ولا تستسلم لتلك الرغبة في إلغاء ذاتك وتذويبها في قضية أكبر منك.. فالكثيرون ينتظرون منك "الشهادة" من أجل تحقيق مشاريعهم الخاصة.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك