في شارع خولان، وشارع تعز، وبعض شوارع صنعاء، هناك أسر كاملة مع أبنائها وأطفالها يفترشون الأرصفة بمنتصف الطرق الإسفلتية.
يضعون على الأرض كراتين عادية، ويربطون شوايل ممزقة من شجرة إلى شجرة مقابلة في كلا الجانبين، يصنعون لأنفسهم بيوتًا عابرة كأنهم مغادرون وعابرون وغير آبهين بفكرة الحياة، لأنهم لم يملكوا من مادياتها شيئًا.
كنت قبل قليل أسير بجوارهم، وأشاهدهم، وأفكر في أحوالهم وأجسادهم المنهكة من برد الأرصفة الباردة، وأتساءل في داخلي عن هؤلاء البشر الذين يسيرون بسياراتهم من جوارهم في الجانبين، ألا يفكرون في غيرهم وكيف يعيشون حياتهم، ألم يتخيلوا أنفسهم في هذا البرد مشردين بين شوايل وكراتين؟!.
البرد على أشده في صنعاء ومحافظات الشمال اليمني، وبعض الناس يسكنون الشوارع مع أطفالهم في البرد، هؤلاء الناس يظنون الشوايل جدرانا والكراتين أفرشة، يظنون الحياة مجرد برد ومعاناة، كيف يستطيع هؤلاء المساكين مجابهة البرد القارس؟!
تساءلت في نفسي، بينما أهرب سريعًا من خيالهم في رأسي، كيف يعيشون في شوارع لا تقيهم شيئًا من مشقات التشرد؟!
ربما هم مهمشون بالمصطلح الشعبي، لكنهم بشر، وأجسامهم مثلنا، خصوصًا الأطفال الصغار، هذه المشاهد في شوارعنا مخيفة، وبردها النفسي أكثر ضراوة من برد الأرصفة..
شوارعنا مليئة بالكثير من المآسي والمساكين، وأموال الزكاة تذهب لتزويج الشباب المعدمين، الشباب الذين سيخلفون لاحقًا أبناءً آخرين ليفترشوا الشوارع والأرصفة، لا يوجد زكاة للمشردين، لأنها صارت أموالًا سياسية وسلطوية.
الفقراء في أرصفة الطرق والشوارع صنعوا لأنفسهم بيوتًا من الشوايل والكراتين، لقد تقبلوا الأمر، لكنهم يحتاجون شيئًا واحدًا، بطانيات وأفرشة، وسيتكفلون بأمورهم وحياتهم الباقية.
اعطوهم من أموال الزكاة أيها السياسيون، اشتروا لهم بطانيات وأفرشة ووزعوها عليهم، علنا ننجوا بفضلهم، ما لم فمصيرنا لن يرحم أحدا..
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك