الحرية والعقل صنوان في الإسلام، فالحرية والعقل مناط المسؤولية والتكليف، كما يقول الأصوليون، وكلاهما أثر لتكريم الله للإنسان.
قال سبحانه: "ولقد كرمنا بني آدم" الآية.
هذا التكريم جعل للفعل الإنساني قصدا قائما على الاختيار بين عبادة الله عن وعي وإرادة وبين التمرد.
قال تعالى مبيّنا لعباده طريق الرشد من الغي: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" الآية؛ وقال: "وهديناه النجدين".
وقال معترضا على نبيه الحزين على إعراض قومه عن دعوته لهم ما يصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة: "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" الآية.
وهو ما يفقد الأعمال "الإسلامية" كالصلاة والزكاة والجهاد كل قيمة عند الله إن لم تكن صادرة عن إرادة واعية حرة مسؤولة تبتغي مرضاة الله.
"وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" الآية.
وهنا ينتفي التعارض الظاهري بين الدين والحرية، بل تصبح الحرية كالعقل شرطا للتدين في حد ذاته.
والتدين الصحيح يعززهما ويرتقي بهما، فوق مستوى الضرورة، على نحو تكون حرية الإنسان بحسب عبوديته وعلمه، فلا تكليف للعبد ولا مناط له إلا بالعقل، فالعقل مناط التكليف كما هي الحرية سواء بسواء.
فالعقل والحرية صنوان لا يفترقان، وهما علة التكليف وجودا وعدما، فمتى وجدا وجد التكليف ومتى غابا غاب التكليف.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك