لا تأبه الحركة الحوثية ومن ورائها دولة "آيات الله" في طهران بعواقب الحركات الصبيانية التي تمارسها كل يوم مع دول التحالف العربي ومع كل من يرفض مشروعها العنصري.
مصرةً على إبقاء لهب نيران الحرب في حالة اشتعال حتى لو أدى ذلك إلى هلاك كل الشعب اليمني من حريب والبلق حتى الساحل الغربي ومن باقم والملاحيظ حتى مريس وقعطبة.
ما يزال تفسير الهجوم على مطار أبوظبي يوم (الاثنين) موضع تداول وتحليل العديد من المختصين الاستراتيجيين والعسكريين، حيث تتردد التكهنات بين التسليم بالرواية الحوثية بأن الحركة هي من أطلق المقذوف الناري من صنعاء، وبين من يقول إن العملية إيرانية تكفَّل الحوثيون بالادعاء بتبنيها ومن يقول إن المقذوف الناري (طائرة مسيرة أو صاروخ باليستي) قد انطلق من محافظة المهرة.
وفي كل الأحوال فإن الجماعة الحوثية باعترافها بأنها من نفذ العملية قد أعفت الجميع من الاسترسال في البحث عن إجابات مقنعة للأسئلة التي أثارها الحدث.
هذا الهجوم على تلك المنشأة المدنية المعروفة للجميع يبين أن الجماعة الحوثية تبحث عن دعاية إعلامية من خلال العنتريات الصبيانية التي تمارسها، ولا تعير اهتماما لما سيترتب على هذه الأفعال الرعناء من ردود أفعال وتداعيات يدفع ثمنها اليمنيون من أمانهم ومنشآتهم وأملاكهم الشخصية والعامة وربما من أرواحهم ودمائهم.
"قناديل عبد الملك وزنابيله" يبتهجون أيما ابتهاج عندما تخطئ طائرات التحالف أهدافها وتصيب مواقع ومناطق مدنية وحتى سكاناً مدنيين، لأن الحوثي وأتباعه لا يشعرون بسعادة أكثر من سعادتهم عند تقمصهم دور الضحية لاستدرار تعاطف المنظمات الإنسانية والجماعات الحقوقية الدولية، مع أنهم أكثر من يمارس انتهاكات حقوق الإنسان ربما على مستوى العالم.
ومع أن الحرب شيءٌ ممقوت إذ لا نتاج لها إلا الخراب والدمار وغالبا حصد الأرواح والدماء إلا إن الجماعة الحوثية لا تتردد عن التصعيد واستفزاز الآخرين بمجرد حصول أية حالة من التهدئة أو صدور دعوة أو مبادرة للذهاب باتجاه العملية السياسية السلمية.
فالحرب بالنسبة لهذه الجماعة ليست فقط مجرد وسيلة لابتزاز الآخرين بل إنها هدفٌ رئيسي من أهدافها تسعى من خلالها لتحقيق مكاسب سياسية ودعاية إعلامية والتوسع على حساب أمن الناس وأرواحهم ودمائهم.
وبالتالي فإن أي رهان على تراجع هذه الجماعة عن استراتيجيتها العدوانية الحربية إنما هو رهان خاسر بكل المعايير.
قصف مطار أبو ظبي في عاصمة دولة الإمارات الشقيقة عمل إرهابي بامتياز لأنه يستهدف منشأةً مدنيةً يرتادها يوميا مئات الآلاف من المسافرين ومئات الطائرات المقلعة والهابطة لمختلف شركات الطيران في العالم، وقد لاقى هذا العمل من الإدانة ما يكفي من كل دول العالم ومنظماته الحقوقية والسياسية والإنسانية.
بيد أن القضية الأهم بالنسبة للتحالف العربي لا ينبغي أن تتوقف عند الإدانة أو حتى الرد على هذا العمل الإرهابي بل لا بد من التحقق من مصدر النيران ومكان انطلاقها.
فإذا كان معظم المحللين الاستراتيجيين والعسكريين يستبعدون أن تكون وسيلة الهجوم قد انطلقت من صنعاء كما يدَّعي الحوثيون، ويستبعد الكثيرون أن ترتكب إيران هذه الحماقة بإطلاق النيران على منشأةٍ مدنية في دولة مجاورة، نظرا لما قد يترتب عليها من تداعيات على محاولاتها فك العزلة الدولية عن نفسها والوصول إلى اتفاق مع المجتمع الدولي بشأن الملف النووي، فإن الاحتمال الأرجح يبقى ما تكرر على لسان الكثير من المتابعين لهذا الحادث وهو أن تكون محافظة المهرة هي نقطة انطلاق النيران، وفي هذه الحالة سيستدعي الأمر الإنصات إلى الأصوات المنادية بتحرير المنطقة العسكرية الأولى (التي تقع محافظة المهرة في إطارها) من الجماعات العسكرية هناك الموالية للشرعية شكلاً والمتحوثة مضموناً وقلباً وقالباً.
وكما كنا قد ألمحنا مرارا بأن قيادة تلك المنطقة كانت قد قررت ترديد الصرخة في العام 2015م لكن الرئيس السابق نصحهم بالصمت والبقاء على حالهم أو كما قال بلسانه "استلام الراتب السعودي لحماية أنفسهم من ضربات التحالف"، والإبقاء على ولائهم السابق "لأنصار الله" كما قال مع استمرار صرف مرتباتهم الصادرة لهم من صنعاء.
المنطقة العسكرية الأولى بوضعها وقيادتها الراهنة لم تعد تشكِّلُ خطراً على حضرموت والمهرة ولا حتى على كل الجنوب، بل خطر حقيقي على دول التحالف العربي وكل منطقة الجزيرة والخليج العربيين.
ومن هنا تأتي المطالبة الحضرمية والجنوبية بترحيل القوة العسكرية من هذه المنطقة، تلك القوة التي تردد الصرخة سراً ثم تعاود لعبتها المفضلة في حماية جماعات داعش والقاعدة وممارسة القتل والإرهاب باسم الشرعية التي غدت مظلةً مكشوفة لكل من ضل طريقه أو سال لعابه لممارسة الفساد والإفساد وتهديد أمن وسلامة المنطقة والإقليم.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك