أعظم سنة سنها الغرب هي هذا العيد.
فما أعظم أن نحتفل بيوم واحد في السنة، نحمل فيه الورود الحمر ونتقدم بها لمن نحب.
فالحب هو الإيمان والدين الحق هو محبة، ألم يقل الشيخ الأكبر:
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
وما أروع ما قاله الشاعر الفيلسوف الذي أوتي الحكمة إيليا أبو ماضي:
قال قوم إن المحبة أثم!
ويح بعض النفوس ما أغباها
إن نفسا لم يشرق الحب فيها
هي نفس لم تدر ما معناها
خوفوني جهنما ولظاها
أي شيء جهنم ولظاها؟
ليس عند الإله نار لذي حب
ونار الإنسان لا أخشاها
أنا بالحب قد وصلت إلى ربي
وبالحب قد عرفت الله.
نعم بالحب نصل إلى الله، وبالحب نعرف الله.
وقد روي عن السيد المسيح عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الله محبة).
فالحب يقود إلى محبة الحياة وإلى محبة الناس والوجود وبالحب نستطيع أن نصنع السلام.
فالحب يجترح المعجزات.. آه لو يعلم المتقاتلون أهمية الحب وقدسيته ومكانته عند الله، فمن أحبه الناس أحبه الله.. فلنحب بعضنا بعضا يحببنا الله.
وقد سئلت "رابعة" هل تكرهين أولئك النفر الذين يؤذونك ويتسببون في الوقوف أمام دعوتك ويناصبونك العداء؟ فردت عليهم بقولها: "من امتلأ قلبه بالحب لا يوجد فيه متسع للكراهية".
الله ما أعظمها من سنة حسنة لمن سنها أجره وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
نعم ما أعظم الحب وما أجمله وما أعظم تأثيره على الحياة.
ما أسمى وما أرفع من قيمة الحب.
فلو غرسنا في نفوسنا الحب، لوضعت الحرب أوزارها ولسالت دموعنا بعد أن سالت دماؤنا.
فعندما يقول الله إنه يحب المحسنين ويحب المتقين ويحب الصابرين، فهو في نفس الوقت لا يحب الظالمين ولا يحب الكافرين ولا يحب الخائنين ولا المنافقين ولا كل معتد أثيم.
فلنهتد بهدي الله ونحب ونقدس يوم الحب ونعلي من قيمة هذه المناسبة، مناسبة يوم الحب..
فلا نصدق تراهات الإسلام السياسي، وأولئك الذين يقللون من قيمة هذه المناسبة التي من خلالها ستتوحد البشرية.
ورحم الله العلامة المرحوم يحيى الدار الذي قال ذات مرة في جلسة مقيل: لو أن جولد مائير رئيسة وزراء إسرائيل توصلت إلى وسيلة من خلالها نستطيع أن نحقق العدل بين الناس فإننا ملزمون أن نعمل بتلك الوسيلة لأننا مطالبون بتحقيق العدل.
والله سبحانه قد أمرنا أن نستمع القول ونتبع أحسنه بغض النظر عن القائل.
قال الإمام علي، كرم الله وجهه: (اعرف الحق تعرف أهله، فالرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال).
وهذه القاعدة الذهبية تزيل قدسية الرجال، تلك القدسية التي تجعل من الباطل حقا ومن الحق باطلا.
وكاتب هذه السطور قد قام بتجربة قبل عشر سنوات تقريبا، حيث أخذت نصا لمحمد باقر الصدر ونسبته للقاضي محمد بن علي الشوكاني ونقلت نصا من كتاب أدب الطلب للإمام الشوكاني الذي يقول فيه: ما ينبغي تعليم العلم أصحاب الحرف والمهن وأن من واجب العلماء طردهم من حلقات العلم وقمت بنسبته للعالم الجعفري محمد باقر الصدر، وقرأت النصين في مقيل الراحل عبدالله بن حسين الحلالي وكان ضمن الحضور سلفيين وإخوانا، ففوجئت أنهم هاجموا النص المنسوب لمحمد باقر الصدر هجوما لاذعا وقالوا إنه نص فيه التعالي على أصحاب المهن، بل بلغ بأحدهم أن أخرج قائل ذلك النص من الإسلام وأنه ضد الإنسانية.. الخ.
وفي المقابل مجدوا النص المنسوب للإمام الشوكاني تمجيدا يفوق الوصف والخيال وقالوا إنه يمثل روح الإسلام ودللوا على ذلك بآيات من القرآن وأحاديث من السنة.
فصمت وبقيت مذهولا فقال لي الأستاذ حمدي السنيدار، رحمة الله تغشاه، هذا هو الفرق بين السنة والشيعة!!
فلم أعلق بشيء وفضلت أن أحضر معي في اليوم التالي الكتابين وقلت لهم أمهلوني إلى غد إن شاء الله، وبالفعل أحضرت الكتابين اللذين نقلت منهما النصين وكانت المفاجأة أنهم تبادلوا الكتابين في ذهول وتعجب!
وقلت لهم هذا هو سبب عدم تعليقي على ما قلتموه يوم أمس..
هذا هو سبب نظرنا وتقديسنا للقائل.
فلو اتبعنا قوله سبحان: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب)، لعلمنا أن الحق أحق أن يتبع، لأننا مطالبون أن نعرف الحق لنعرف أهله، لكنها الأحكام المسبقة والاعتماد على القلقلات والعنعنات التي تصرفنا عن معرفة الحق مباشرة وترك تلك الأحكام المسبقة التي تضللنا.
فالرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
فلنحب الجميع ولنحب الحق والحق أحق أن يتبع.
وعيد حب سعيد وكل عام وأنتم بألف خير.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك