يلاحظ دوماً أن "الإرهاب" ينشط في المناطق التي تتعلق بنشاط تنظيم الإخوان في اليمن -حزب الإصلاح- بشكل مباشر أو المناطق التي يُحرك فيها أتباعه، وتحديداً عند فقدانه منطقة من مناطق النفوذ التي كانت تحت يد التنظيم، وما أن يفقدها حتى تتحرك الأعمال الإرهابية وترتفع وتيرتها في رسالة واضحة تفيد بأن ما عجزت عنه قوة التنظيم المتدثرة باسم "الدولة" سيتم تنفيذه عبر الهجمات الإرهابية.
إن ما يثير الانتباه ليس فقط هذا التزامن بين كل انكسار للإصلاح وموعد تنفيذ العمليات الإرهابية والتي باتت تأخذ شكلاً انتقاميا موجهة ضد قوات النخب والأحزمة وكل تشكيلات القوة العسكرية والأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بل حالة الانسجام أو الرضا بين الإصلاح والحوثيين وفرحة إعلامهم وناشطيهم بما يتم تنفيذه ضد المحافظات الجنوبية خاصة والتشكيلات المناهضة لهما بشكل عام، ولا شك أن ذلك يأتي تنفيذا لتوافقات بين الجماعتين -جماعة الحوثي، وجماعة الإخوان في اليمن- حيث يستخدم الطرفان التطرف والإرهاب كقوة رديفة تساعد في إنجاز ما فشلت فيه قوتهم الظاهرة.
ومن العجائب أن مجاميع الإرهابيين لم ينفذوا عملية واحدة ضد جماعة الحوثي وقياداتها التي تسرح وتمرح وتعربد في المحافظات الشمالية، رغم الخلاف العقائدي الكبير والتكفير المتبادل، ونحن هنا لا ندعو أو نشرعن لاستهداف أي شخص عبر الإرهاب، أو نخلق مبررات للإرهاب، ولكن هي تساؤلات ستوصلنا إلى حقيقة واضحة مهما تغافل عنها الداخل والمجتمع الدولي عموماً، ففي الوقت الذي نرى ونسمع عن تعبئة مذهبية متبادلة بين الحوثيين والإصلاح، وإصرار الجماعتين لتحويل الحرب من حرب وطنية شرعية تسعى لاستعادة الدولة إلى تصويرها كحرب عقائدية مذهبية، إلا أن غيرة القاعدة والإصلاح توقفت وتحالفت مع الحوثيين وباتت بعض القيادات الإرهابية قادة في قوات الحوثي وجبهاته، وتحول الاستهداف كلياً نحو المحافظات الجنوبية تارة في عدن وأحيانا في شبوة أو الضالع وفي أبين وغيرها، وهي مناطق يريد الإصلاح السيطرة عليها أو مناطق فقدها مؤخراً، وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على أنه كلما ارتفعت وتيرة الضغط نحو تقليم أظافر الإخوان وإخراجهم بدءًا من وادي حضرموت وكذا كل المحافظات الجنوبية، زاد منسوب الاستهداف الإعلامي والعملياتي من قبل الإصلاح وحليفهم في صنعاء، فالواقع يشير إلى أن كل العمليات تتحرك بأوامر إخوانية وتخطيط مشترك مع الحوثي، ورعاية خالصة من طهران والدوحة.