حسن الدولة
نقائض عرى الإسلام وليبرالية التعايش بين الأضداد
"الليبرالية" الحقيقية تعتبر أعظم مشروع تكافلي وصلت إليه الإنسانية، لضمانة التعايش بين الأضداد ثقافياً ودينياً وعرقيا.
كما أنها لا تزال الخيار الأفضل في خلق إمكان التعايش داخل أي وسط إنساني، مهما كان وسطاً إثنياً أومللياً، لقدرة الليبرالية على صناعة مسافة عقلانية وإنسانية بين طيوف المجتمع.
ذلك أن أهم مبادئ الليبرالية هي (تقديس الحريات واحترام الرأي والإيمان الفردي، ولا يحق لفرد أن يفرض إيمانه على آخر، والفصل بين الإنسان وعقيدته الخاصة والإنسان وحياته العامة، إضافة لقدرتها على خلق بيئة تعايش تكفل حقوق الجميع وحرياتهم.
وما أروع تلك الجملة التي جاءت في الكتاب الموسوم ب"نهاية التاريخ" وهو لفيلسوف الليبرالية الأمريكي المعاصر "فوكوياما": (قد لا تكون الليبرالية النظام الأمثل لكنها ستظل كذلك طالما وهناك من ينتقدها..).
فالنقد الذي يخاف منه أصحاب الفكر السقيم هو أهم وسيلة لتقويم وإصلاح المسار.
وهذا ما لم تعرفه ثقافتنا الإسلامية في القديم والحاضر.
ولذلك فإن مكمن ضعف الإسلام يكمن في عدم وجود نظرية سياسية توضح كيف يتم اعتلاء الحاكم الحكم وكيف تظل الأمة هي مصدر كل السلطات، ومتى يتم عزله، وذلك ما نقض عرى الإسلام عروة عروة، كما جاء في الحديث الشريف (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة).
فمن بيعة "فلتة" لأبي بكر وقى الله الناس شرها حسب وصف عمر -رضي الله عنهما- إلى تعيين من قبل السلف إلى ناخب وستة مرشحين "عثمان" إلى شبه إجماع الأنصار والمهاجرين "علي -كرم الله وجه" إلى ملك عضوض وفقا لنظرية الإمامة في قريش.
ومن أموية إلى عباسية إلى فاطمية إلى إمامة البطنين والخروج على الظالم دون ضوابط التي أحدثت فوضى وسالت جرائها الدماء واستمرت نظرية طاعة الحاكم الظالم هي السائدة.
تلك النظرية التي تأمر بطاعة الحاكم وإن زنا وإن سرق وإن جلد ظهورنا ما لم يظهر كفرا بواحا!! حسب تعبير لفقهائنا -سامحمهم الله.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك