الفكر المتطرف أكثر أشكال الأيديولوجيا مدعاة للشفقة.. فهو مرض عضال، وداء ليس له من دواء سوى العلم والفكر المستنير والحجة البالغة والفنون، كالأغاني والموسيقى التي تريح النفوس.
وكذلك إشاعة محبة الناس والابتعاد عن ثقافة الموت.
فشأن الفكر المتطرف شأن أديان الإلف والعادة المتوارث، حيث نجد أن كل صاحب عقيدة أو مذهب يعتبر دينه أو مذهبه هو الصواب، ويؤمن أنه يمتلك الحقيقة المطلقة.
وهكذا نجد أن كلا منهم يرى أن الآخر على ضلالة وعليه أن يدخلهم في ملته بقوة السلاح والإجبار..!
ألم نسمع خطباء الجمعة يدعون على اليهود ومن هاودهم والنصارى ومن ناصرهم، سائلين الله أن يحصيهم عددا ويبيدهم بددا، وأن يجعل نساءهم سبايا وغنائم للمسلمين، بل بعضهم يطلب من الله أن يجمد الدماء في عروقهم، ويتبعون ذلك بجملة فإنهم لا يعجزونك؟!!!!
ولأن الموسيقى والأغاني التي تريح النفوس علاج فإن مشايخهم يحرمونها، وكذلك الفلسفة التي هي طريقة الأنبياء في التعامل مع أقوامهم صارت محرمة وببساطة، لأن الفلسفة تعني حب الحكمة.
وقد قال الله سبحانه: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.
لذا نجدهم يعتبرون أهل المنطق والحجة "زنادقة"، لأن من تمنطق في عقيدتهم فقد تزندق، ومن ابتدع فقد شذ عن طريق الأوائل الذين لم يتركوا للأواخر شيئا يخوضون فيه تحت قاعدتهم الذهبية: "ليس في الإمكان أبدع مما كان".
لذا فإننا نتمنى على كل من يهمه الأمر أن يضيفوا مادة الفلسفة من المرحلة الحادية عشرة في التعليم الأساسي، وأن يضيفوا مادة ثانية لتلاميذ التعليم الأساسي للرسم وثالثة للفنون والموسيقى للترويح على نفوس الناشئة وتكوينهم تكوينا وطنيا تحت شعار "حب الوطن من الإيمان"، وأن ذلك الحب يترجم بإعمار الوطن وتطويره وتقدمه ونهضته والتأكيد عليهم بأنهم خلقوا في الوطن ليعيشوا فيه لا ليموتوا من أجله.
كما أن على الدولة أن تطلق الحريات وتدع الأقلام تتشاجر والعقول تتصارع عن طريق مقارعة الحجة بالحجة بوسائل علمية وبراهين علمية وحجج من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والاهتمام بالوسائل الناجحة ألا وهي سياسة التثقيف العلني والخروج من الفكر الظلامي وإتاحة الحرية لكل إنسان أن يبوح بما يعتقده وأن يعبد الله بالطريقة التي يأمره بها دينه.
وهذه السياسة تحتاج إلى مناخ تفوح في أرجائه نسمات الحرية وترعاه نظم حرة تؤمن بالحوار وبقبول الفكر المخالف.
فالفكر الذي لا يقبل المخالف هو فكر سقيم وصاحبه مهووس مريض يجب أن يتم التعامل معه كما يتعامل الأطباء النفسيون مع مرضاهم باللين والحكمة والموعظة الحسنة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك