لم تبقِ جماعة الحوثي ذريعة لخنق المجتمع وإذلال الناس في المناطق الواقعة تحت سيطرتها إلا واستخدمتها، وسوف تقوم بأكثر مما تفعله طالبان أفغانستان بحق الشعب الأفغاني، خصوصا وأن الواقع المعيش أثبت بأن هناك توجها دوليا لغض الطرف عن افعال المليشيات الظلامية في بعض دول العالم ومنها بلادنا، دون الاكتراث لحقوق الشعوب وتطلعاتها في أن تعيش بحرية وكرامة فعلية.
تسعى جماعة الحوثي لمزيد من الخنق ومحاولة الأدلجة المرفوضة في العقل الجمعي للناس، ولكنها تصر على المضي قدما في مشروع الكبت للحريات ومنع الحقوق الطبيعية للإنسان اليمني والتي أقرتها الشرائع السماوية والدستور والقانون الوطني والدولي، وبات اليمني في ظل هذه الجماعة محروما من أبسط حقوقه والتعبير عن رأيه، وانتقاد الفساد والإجرام الحوثي بحقه والتعدي السافر على حريته الشخصية ابتداءً من منع (أربطة البالطو) وطمس الوجوه في اللوحات الدعائية، وصولاً إلى منع النساء من السفر والتنقل إلا بمحرم، وفرض تغيير مقاعد الباصات وتحديد أنواع بعينها من العبايات النسائية، وكل ذلك تحت مسمى محاربة الفساد الأخلاقي، حد زعمهم.
الحقيقة التي لا بد أن ندركها كمجتمع ويفهمها الساسة الذين نعول عليهم، المناهضون للجماعة الحوثية وفكرها الكهنوتي، هي أنه لم تسفه جماعة أو حزب المجتمع اليمني كما تفعل جماعة الحوثي، ولم تتعرض أعراض اليمنيين للقذف الرسمي والشعبي بصورة مباشرة أو ضمنية كما هو حاصل في ظل هذه الجماعة التي تريد أن توحي بأن مجتمعنا كان يعاني من انحلال وفساد أخلاقي وبعد ديني _إن لم يكن كفر- قبل أن تأتي هذه الجماعة لتدخله الإسلام من جديد!!
فالمتتبع لكل قرارات الجماعة وتصرفاتها يدرك مدى استهتارها بالقيم اليمنية وإصرارها على تسفيه عادات شعبنا وموروثه ومحدداته التي يتعامل بها وقيمه الأخلاقية التي حافظت على نسيجه الاجتماعي متماسكاً حتى جاءت الآفة الحوثية لتمزقه وتشتته وتستبيح حقوقه وحياته، وهذا يتطلب جهدا حقيقيا من الحكومة لإظهار ما يتعرض له اليمنيون على يد هذه الجماعة، إظهار مأساة اليمن واليمنيين وخلق رأي عام دولي حقيقي وليس الاكتفاء بتغريدات أو لقاءات رسمية، بل يجب مخاطبة شعوب العالم ومراكزهم الثقافية والتعليمية وندواتهم العلمية لتبيان فاشية الحوثيين، خصوصاً وأن هناك لوبيا "سلاليا حوثيا" يتحرك في تلك الأوساط والجامعات خصوصاً الأمريكية والاوروبية يتحدث عن أن هناك مظلومية حوثية وأنهم (أكثرية) ولهم شعبية، ومن المضحك أنهم يقولون انهم أكثرية مضطهدة بسبب ما يسمونه عدم قبول دول الأقليم لحقهم السياسي وما يتعرضون له من تشويه غير حقيقي!
فهل ستتحرك الحكومة بدافع وطني حقيقي وتقوم بواجبها في مواجهة أعمال الحوثي في الداخل وكشف زيف ما يدعيه اللوبي التابع له في الخارج؟ أم أنها حكومة لا تجيد سوى التمسك بالشماعات والتذمر، ولا تنتج سوى الفشل والفساد والمهاترات، ولا ترغب في مغادرة حلبات تويتر إلى محافل العالم خدمة لله والوطن والشعب.