من المتوقع أن تقوم الميليشيات التابعة لإيران، خلال الأيام القادمة، بإطلاق قذائف، أو شن غارات بالطائرات المسيرة على أهداف عسكرية أو مدنية في اليمن أو العراق أو لبنان أو سوريا.. كرد فعل على الغارات الإسرائيلية الأخيرة بالطائرات المسيرة على عدة أهداف حيوية في عمق إيران.!
هذا هو أحد الخيارات القليلة والمضحكة للغاية، التي تملكها إيران للانتقام من إسرائيل، وكما في كل مرة، أظهرت هذه الغارات الإسرائيلية النظام الإيراني على حقيقته. كـ"خيال ماتا" يحرس قلعة من ورق، على الأقل بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الدولية، وبالذات الأمريكية والإسرائيلية.
إيران، وعلى عكس ما تروجه البروباجندا التابعة لها. مكشوفة ومنخورة من الداخل، حتى العظم لدرجة إمكانية الوصول إلى أخطر الأهداف الاستراتيجية في البلاد:
في 31 يناير 2018. تمكن عملاء "الموساد" من الوصول إلى أحد أهم الأماكن السرية الحصينة في العاصمة الإيرانية طهران، مبنى تابع لوزارة الدفاع. يضم الإرشيف السري للبرنامج النووي الإيراني.!
استغرقت العملية 6 ساعات و29 دقيقة، وتضمنت اقتحام أبواب، وتعامل مع أجهزة إنذار. وفتح عشرات الخزائن.. والخروج بحوالي نصف طن من الوثائق السرية.. ومن ثمّ نقلها إلى إسرائيل.!!
كذلك فيما يتعلق بوصول ذراع إسرائيل إلى الشخصيات المطلوبة الأكثر أهمية المقيمة في عمق الأراضي الإيرانية، كما حدث مراراً في السنوات الماضية:
في 7 أغسطس 2020 قام الموساد بعملية اغتيال شخص مطلوب لها في شارع باسداران وسط طهران، وتبين أنه "أحمد عبد الله أحمد" (أبو محمد المصري)، أحد أخطر قيادات تنظيم القاعدة، وكان مقيما هناك منذ 2003م.!
كما قامت إسرائيل باغتيال عدد من كبار علماء الذرة الإيرانيين، تمت تصفيتهم بسهولة في شوارع المدن الإيرانية. لن يكون آخرهم: "محسن فخري زادة". كبير علماء الذرة الإيرانيين، ورئيس منظمة البحث والابتكار بوزارة الدفاع، والمعروف على نطاق واسع بـ"أبو القنبلة الإيرانية".. اغتالته إسرائيل في 27 نوفمبر في قلب العاصمة طهران.
في المقابل. إيران ليست فقط عاجزة عن إحداث أي اختراق مقابل، بل حتى عن رد فعل معقول على هذه الاختراقات.. غير:
إما التهوين من الأضرار الحاصلة، كتهوينها من الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع استراتيجية في قلب إيران: مصنعا لتطوير الأسلحة في أصفهان، ومعملا لتكرير النفط في تبريز.
وإما بتزوير حيثيات العملية، كما في عملية 7 أغسطس 2020، حيث تمت تصفية "أبو محمد المصري"، لكن إيران - وهروبا من فضيحة انكشاف علاقتها بمنظمة القاعدة، وإيواء هذا الرجل الثاني في تنظيم القاعدة منذ 2003م. قالت إن القتيل هو "حبيب داود" أحد أعضاء حزب الله اللبناني.!
وإما -كما في الأغلب- بإطلاق سيل من التهديدات النارية بالانتقام الساحق الماحق من أمريكا وإسرائيل. كالتي أطلقتها إثر اغتيال "محسن فخري زاده". ولم يسفر التهديد عن أكثر من إطلاق اسمه على أحد شوارع طهران.!
الخيار الأخير للنظام الإيراني هو الانتقام من إسرائيل وأمريكا في البلدان العربية التي تمكنت ميليشياتها الكهنوتية من السيطرة عليها: لبنان واليمن والعراق وسوريا.. أو الانتقام من الشعب الإيراني نفسه، باعتبار أي حراك شعبي مؤامرة أجنبية، وهنا فقط تظهر إبداعات ومواهب هذا النظام، كنظام بوليسي استخباري قمعي تُقال الأهوال عن عيونه وآذانه وحواسه الفائقة.!