لم أعد أتابع المقابلات التلفزيونية مهما كانت قيمة الأشخاص أو شهرتهم، لكني هذا اليوم فعلت وتابعت مقابلة عبود خواجة باهتمام، لأني أعرف عن هذا الفنان تفاصيل وتضحيات إنسانية لم يتظاهر بها يوماً.
هذا الفنان ظلم نفسه كثيراً وكان يعتقد -مثل الكثير- أن الوطن والقضية والناس أهم من النفس وأهم من المهنة والشهرة.
كان صادقاً مع نفسه ومع مبادئه التي يؤمن بها، وهذا كلفه الكثير على الصعيد الشخصي والمهني.
اليوم عبود يتحدث بمرارة وحزن عن ماضيه، وكلما ألح عليه المذيع بسؤال عن أسباب تراجعه على الساحة الفنية أو أشار إلى مواقفه السياسية أجاب عبود: "أنا تعالجت من السياسة وتغيرت أشياء كثيرة في نفسي ومع ذلك سأظل مؤمناً بقضيتي ومبادئي".
يجيب على هذا السؤال وفي قلبه غصة من الخذلان الذي وصل إليه وطنه وقضيته.
وكما عرفناه دائما صريحا وشفافا تحدث بشفافية عن العنصرية التي واجهها في قطر -بسبب يمنيته- والتي جعلته يترك الجواز القطري ويغادر قطر.. كانت أمامه فرصة لأن يستمر ويعيش برفاهية، لكنه إنسان حقيقي والإنسان الحقيقي لا يقبل أن يتعايش مع واقع عنصري.
رغم كل شيء، شهرته، موهبته، إمكانياته، أفضلية تنقله بين الدول، علاقاته الواسعة، فرص الحياة الأفضل.. وأشياء كثيرة تميزه عن أي يمني آخر -رغم ذلك- إلا أنه كان يتحدث بمرارة، عن التشرد والضياع في المنافي، يتحدث بإحساس يمني بسيط، مشرد لا يملك شيئا.
هناك تفاصيل ومواقف مهمة في ماضي عبود تركها ليتحدث عنها رفاقه الذين يعرفون أنه كان ركناً أساسياً وداعما معنويا وماديا ولم يسبق له أن مَنَّ أو أدعى… كرر عبود قوله: "تعافيت من السياسة"، وكأنه بهذه العبارة يقول: "خاب ظني"، وليس وحده فهناك آلاف مثله يحملون بداخلهم نفس الشعور تجاه ماضيهم.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك