م. مسعود أحمد زين
التقارب السعودي الإيراني وسيناريو إنهاء حرب اليمن
اعتقد أن صدمة أمريكا والغرب بالاختراق الصيني بمنطقة الخليج العربي وخلق تقارب إيراني سعودي بعد 45 سنة من الصراع بينهما منذ 1979، هي شبيهة من حيث التأثير وعنصر المباغته بصدمة نشر الصواريخ السوفييتية في كوبا في ستينات القرن الماضي، وما تلاها من ازمة كبيرة أوشكت للتحول لمواجهة أمريكية سوفييتية بالسلاح النووي.
أجزم أن أمريكا التي تخطط لاستنزاف الصين في صراع على تايوان لم يكن في حسبانها أن يكون الرد الصيني في منطقة الخليج العربي مركز النفوذ التقليدي لأمريكا عند منابع النفط.
* * *
تجربة إنهاء الحرب السورية هي أقرب السيناريوهات لإعادة تطبيقه لإنهاء الحرب باليمن بعد التقارب السعودي الإيراني الأخير.
1) استطاعت روسيا في ملف الحرب السورية أن تجمع بين تركيا وايران في مؤتمر استانا (كأهم لاعبين اقليميين في حرب سوريا بعد ان سلم العرب دورهم لروسيا في هذا الملف عام 2015).
وعلى طاولة مؤتمر استانا اتفقت روسيا وايران وتركيا على خارطة طريق لوقف الحرب.
ولم يترك للفرقاء المحليين في سوريا الا الأدوار الثانوية او التنفيذية فقط.
2) الامور ليست بالمسطرة والقلم ولكن هذا هو المسار العام الذي يمكن ان تسير عليه الامور في السنوات القادمة هنا في الجمهورية اليمنية.
3) من المرجح جدا ان الخطوة المستعجلة التي يمكن ان يضغط الراعي الإيراني والراعي السعودي على تطبيقها هي تثبيت اتفاق الهدنة اولا دون شروط مسبقة من اي طرف.
ثم يمكن السعي الدبلوماسي بين الرياض وطهران وبكين لبلورة إطار سياسي للحل باليمن قائما على التوافقات وليس على المرجعيات الثلاثة المعروفة.
4) كيف سيتم استيعاب الاطراف المحلية في التسويات القادمة (حوثي، شرعية، انتقالي والاطراف الفرعية الاخرى)؟ اعتقد ان حجم وثقل كل طرف محلي على الارض سيكون المعيار الاضطراري للتعامل معه من قبل الرعاة الجدد في صياغة الاطار السياسي الجديد للحل.
5) سوف تذهب الامور الى مسار تفاوضي لشهور او اكثر بموجب مبادرة سياسية جديدة/ إطار سياسي جديد من صنيعة الرعاة الجدد.
وسوف تلعب الحنكة السياسية دورا هاما، فمن يمتلكها اكثر من الفرقاء المحليين سوف يأخذ اكثر مما يستحق من نتائج المفاوضات والحل السياسي الشامل، ومن لا يهتم بهذه القدرات قد تنهش حقوقه السباع والوحوش.
6) على الواقع الآن فإن طرف الحوثي هو الآن في وضع مريح اكثر من غيره بعد هذا التوافق الإيراني السعودي، اذ يمتلك في رصيده نقطتين:
# السيطرة على الارض
# واستمرار موقف الحليف الاقليمي الداعم (ايران).
ويأتي الانتقالي في المرتبة الثانية بنقطتين:
واحدة مؤكدة (السيطرة على الارض مع اهمية إكمال المسار فورا في حضرموت والمهرة).
والنقطة الثانية ضعيفة وهي ضبابية العلاقة مع الحليف الاقليمي ويجب على الانتقالي حماية ظهره بتحالفات خارجية اقوى.
بينما تأتي الشرعية في الموقف الأضعف بنقطتين ضعيفتين، مما يجعل الشرعية حاليا في مرحلة انعدام وزن:
النقطة الأولى وهي محدودية الأراضي التي يمكن القول انها تخضع بشكل كامل لقوات الشرعية.
والنقطة الثانية وهي مستقبل علاقة الشرعية مع الحليف الاقليمي.
فلا يختلف اثنان ان الشرعية لم تعد للخارج وتحديدا السعودية فرس رهان رابحا بعد إمكانية تأمين السعودية لمصالحها القومية بالاتفاق مع طهران وبكين.
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك