كم هو بائس وضعنا في اليمن، نحيا لنقتل بعضنا بعضا، أو ننتظر من الآخرين حل أزماتنا، وتارة نمني أنفسنا بأن يراعي الغير مصالحنا، حتى نخبنا المثقفة من المنظرين والكُتاب والمتفلسفين لم يخلقوا وعياً وليس في اهتمامهم بناء ثقافة ووعي وروح بناءة، وهم في ذلك لا يختلفون عن النخب السياسية من كل الأطياف والتي هي محط انتقادهم، فنخبنا السياسية ايضاً في غالبها الأعم لا تجيد سوى المناكفات، ولا مشروع لها سوى مصالح الذات والحزب والشلة، ولهذا غاب عن فكرهم وخططهم أي خلق لمشروع وطني جامع، واستسلموا للمهام التي يجدون انفسهم فيها والمتمثلة في التشبث بالمناصب والبحث الدائم عن شماعة يلقون عليها فشلهم الدائم.
ما يحز في النفس بعد إعلان الاتفاق السعودي- الإيراني، حالة الترقب والانتظار والتمني في أن يكون فاتحة لحل الأزمة اليمنية، وهذا تعبير موجع خصوصاً من نخب السياسة والثقافة والإعلام، وبالتأكيد أن الملف اليمني بلا شك له ارتباطاته وتشابكه مع ما يحدث في المنطقة وتأثره سلباً او ايجابا، وهذا امر مفرغ منه خصوصاً وان هناك جماعات وظيفية تتلقى اوامرها من هذا الطرف او ذاك، وتنفذ أجندته ومخططاته وتحقق مصالحه لا مصالح اليمن واليمنيين الذين تم تحويلهم الى ميدان رماية ووقود لمعارك بالوكالة.
محزن ومؤسف هذا التعويل الكبير على ان يكون الاتفاق بين الرياض وطهران هو كلمة السر لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الانقلاب، محزن أن يكون أقصى أمنيات ساستنا أن يتفق الآخرون من أجل يتفقون هم، وتصويرهم لأنفسهم ولقضية دولتهم ومستقبل وطنهم بأنه مجرد امر ملحق ومتحكم به من قبل الإقليم، دون أي توضيح لدورهم، لموقفهم، لأهمية بقائهم والجدوى من تقلدهم مناصب وتسمية أنفسهم بقادة وطن، وبما سيكفرون عن ذاك اليمين الدستوري الذي اقسموه عند تولي مهامهم بأن يسعوا لمصلحة الوطن وحمايته والدفاع عنه والحفاظ عليه؟!
نخبنا تنتظر الخارج الباحث عن مصالحه أولاً، وان يأخذ بعين الاعتبار مصالحهم وحل مشكلاتهم، دون أي مسؤولية منهم أو تحرك... ولكن من جهة أخرى فقد أوضح هذا الاتفاق بشكل جلي أن الجماعات والأحزاب والشخصيات السياسية والفاعلة في بلادنا، مجرد شقاة نفذوا مهامهم وفرحوا بتحقيق من يمولهم لمصالحه وتوصل للتوافق مع من ناصبه العداء.