لا تصدقوا لوعود السلام، ولا لما يبديه الحوثي من قبول مشروط للوصول إلى صيغة توافق تنهي الحرب في اليمن، فكل ما يقوم به الحوثي هو مجرد محاولة لكسب الوقت، أو كما يقول قيادات الجماعة في جلساتهم بأنهم لا يمكن أن يسلموا بأي صيغة لا تمنح لهم الأفضلية وتعترف بحقهم في الاستحواذ على اليمن كل اليمن، وليس فقط ما يقع تحت سيطرتهم في المحافظات الشمالية.
ترى القيادة الحوثية بمختلف أجنحتها، بأن السلام ليس في صالحهم بمن فيهم عبدالملك الحوثي، حيث يؤكدون أنهم اليوم في وضع أفضل وقوة أكبر من الأوقات السابقة، ولهذا ليسوا مضطرين للقبول بالشراكة الوطنية أو الموافقة على أي مقترح جاد لتحقيق السلام الفعلي والحقيقي، إضافة إلى أنه ووفقا لما يتردد بين قيادات الجماعة بأنهم سيعملون جاهدين على المماطلة في أي رد او إبداء حسن نية، متعللين بالملف الإنساني الذي يتخذون منه شماعة لتهربهم من استحقاق السلام.
من يتغلغل في الحركة ويعرف فكرها عن قرب يدرك تمام الإدراك بأن الجماعة لا يوجد في ادبياتها أي مكانة للسلام، ولا لغة سوى لغة الموت، ولا ثقافة سوى ثقافة القتل والعداء لكل من يختلف معها، فالفكر الذي تتبناه الجماعة وما يسمونه مشروع زعيمهم عبدالملك الحوثي، ليس فقط الاستحواذ على اليمن، بل إن مشروعهم يمتد ليشمل الجزيرة العربية وصولاً لتحرير بيت المقدس، وبالطبع كما يقولون "كسر قوى الاستكبار العالمي وادواتهم"، ولهذا يجب ان يستمروا في المراوغة وكسب الوقت والظهور بمظهر المنفتح على السلام، ولكن وفق شروط تعجيزية تجعل تحقيقه مستحيلا، وهذا ما يحدث فعلاً، ولكن للأسف يتغافل الطرف المناهض للحوثي سواء من الداخل او الاقليم عن هذه الحقيقة، أو لنكن واضحين بصورة أكبر، فشلت الشرعية سابقاً وحالياً في تشكيل جبهة موحدة ومنسجمة متفقة فيما بينها لتحرير اليمن من براثن الحوثي، ويعود ذلك لتعدد المصالح الذاتية واختلاف التوجهات وغياب المشروع الوطني الجامع لكل اليمن بمفهومه الكبير عن عقلية وضمير النخب السياسية المناهضة للحركة الحوثية.