أحمد نويهي

أحمد نويهي

تابعنى على

محفوظ في ذاكرة الغد..

Tuesday 30 January 2024 الساعة 05:42 pm

على ساحل الموج الذي تقابله قلعة صيرة أقصى الشط الذي يستلقي عليه البحر لتبدأ عند تعاريجه المدينة التي عاشها الأستاذ أحمد محفوظ عمر المقيم الراحل الكبير وقد أفنى على ترابها والملح والبلور زهرة عمره يكتب بالقلم، ويرسم بالطبشور لوحة باللون بالفكرة النور، الضوء الذي ذاع وانتشر لتغدو قصة يقرأ مكنونها تلاميذه والهيئة التعليمية حتى كان واحداً من المجتهدين الزاهدين في حياته وقد اعترك المسير ليكتب السيرورة ورحلة القرار والمصير. 

عاود القاص والروائي والكاتب الجهبذ تدوين خربشات سني عمره الأولى وقد وعى الكينونة وأدرك سر هذه البقعة الطاهرة من البحر وقد حرث بالطبشور الجدران ليشعشع بالأبيض كما لو كان الفسفور المشع ذلك الإيون ليغدو في عصر التقنيات الحديثة عصر الرقائق الإليكترونية كما لو صار النيون الشفاف وقد سبق واستبق إليه قبل خمسة عقود من الزمن بحساب منوال الحساب ومتوالية الأيام. 

عاد الأستاذ القاص والروائي والكاتب الملهم يلهم الأجيال عن البلاد المترامية على بحرين حين أدرك العلاقة الافتراضية بين الزمان والمكان في لحظة امتلك تلابيب الفكرة وقد تشبت بها حين شبت تستعر كما لو كانت النار توقد في جنباته والضلوع تلك الجذوة التي ظلت تتلظى كما لو كان الجمر موقدا يبوح بالأسرار وقد اختمرت في الدِنان الفكرة.

كتب وتألقت القصة لتنطلق بلسان قويم زاد المبنى جمالاً ليبدو البيان بفعل اشتغال السارد كالبنيان الموصوف والمشغول والمعمول من لآلئ البحر وأصدافه. 

كتب ليبقى ويرقى ذلك الوهج وقد تسامى بسمو الروح حين تشكل من نفائس عصره ومعتقداته ومناهج الدرس التي وعى وأدرك. 

ذهب ليشكل الهوية بفيض مكنون جزيل المثاني والمعاني والمباني والمغاني. 

أفصح عن القضية وتوارى كشاهد ليترك للقارئ مساحته التي يتوارد فيها الخيال الفني الصامت وقت يتعالى ضجيج الأرواح التي تتخاطر بمخيال الراوي وهو الذي عاش يؤلف الأضداد، يلاقح بينها ليصنع الشخوص ويختار الأبطال الراقصين على مسرح الأحداث قبل أن تتحول إلى الأجداث في مشهد تراجيديا ساطع التكوين كما لو يذهب المؤلف ليصبح سيناريست ومنتجا ومخرجا سينمائيا يستعرض الأحداث في شريط الذاكرة التي تختزل الشاشة والشارة. 

عاش يمتد كما لو تشرب من البحر هدير الأمواج الصاخبة ليعود يموسق وينسق السطور يصفها كما لو كانت باقة زهور تبوح وتفوح في مرايا الوجدان تسطع في حدقات الصدور ملء الروح ذلك اليقين الذي تجاوز مرحلة الشك بعميق وعظيم الإيمان برسالته التي تشيع لها لتصبح الأكثر شعبية وقد أنفق الكثير من الصحة وهو يطارد خيوط النسيج الذي عاش يرتق به ومن خلاله ثقوب هتكت النشيد ومزقته ليعاود الاشتغال كما لو راح بلا ملل ينقش النشيج من النسيج الذي حاكاه من ضوء الشموس المنسدلة فوق شمسان وقت انهمار الصيف ليتفيأ ضبابا يتكاثف عندها صيرة وقد أنجز ما يشبه السيرة لتبدو صيرورة الأشياء وقد آلت المتوالية بحساب دورة الزمن لتتجاوز الكثير من عقود تناثرت والشاعر يلملم أطراف الحكاية عن السعيدة وحبات القهوة التي تقاطرت على جبين النهار الذي توارى، يعلن عن غروب ينبئ بشروق في اتجاه آخر...