ماجد زايد
يحيى علاو.. كان موسوعة شاملة وملحمة متكاملة!
يحيى علاو لم يكن مجرد مذيع أو إعلامي أو مقدم مسابقات، خصوصًا في زمن تزايد فيه الإعلاميون والمذيعون والمتقمصون للأدوار، علاو كان موسوعة شاملة وملحمة متكاملة، إعلاميًا عبقريًا في الفكر، غزيرًا في العلم، واسعًا في الثقافة والاطلاع، لم يكن يقدم لليمنيين برنامجاً وجوائز مالية، بقدر ما كان ينشر الثقافة والعلم والفكر والقضايا الإنسانية، عبر برنامجه "فرسان الميدان".
وخلال أربعة عشر عامًا متتالية، أعاد تقديم التراث اليمني، والسياحة، والتاريخ، والأعلام اليمنية الخالدة، والألعاب الشعبية العريقة، كان يحمل معارفه وأسئلته بكل أصقاع الوطن حتى يجد من يجيب عليها، بلا عشوائية أو تساهل أو تسارع للتسجيل.
لقد كان الرجل صاحب قضية معرفية ووطنية، ولطالما أثرى المواطنين بشتى أنواع المعارف والعلوم والثقافات المختلفة، كان يتحدث الإنجليزية ويتحدى بها السياح حينما يجدهم في طريقه، وعندما يحضر علاو يعرفه اليمنيون في كل مكان، يحتشدون لأجله، ويهرعون من حوله، ليستفيدوا ويشاركوا ويظهروا في شاشة الوطن الكبير، لقد كان برنامج فرسان الميدان خطابًا للعقول والأفكار، وملامسًا عبقريًا للهموم والوجدان، فاستفاد منه اليمنيون جميعًا، بثراء معلوماته الشرعية والعلمية والمعرفية والثقافات المختلفة، لقد قدم القرآن الكريم كدين وتفسير وتجويد وعلوم متصلة، وفي ثناياه قدم شخصيات دعوية وسطية وناصحة وخالصة.
لقد جال علاو ببرنامجه فرسان الميدان، ربوع الأرض اليمنية، طولًا وعرضًا، يمينًا ويسارًا، وبكافة النواحي والأصقاع، فصور القرى والمدن، والريف والحضر، وأعاد فعليًا للسياحة اليمنية فاعليتها وجاذبيتها واغراءاتها المعروفة، مع تنوع الطبيعة اليمنية وجماليتها ومآثرها، كما عرَّف اليمنيين بمناطق اليمن المختلفة، المناطق التي لا يعرفها الناس ولا يتصورونها في تخيلاتهم عن وطنهم وبلادهم، كما أبرز التضاريس والمعالم والمآثر المجهولة، متغنيًا بعباراته الرنانة ووطنه وتاريخه وبيوته وعمارته الأنيقة، مع فنون بلاده وعادات وتقاليد مواطنيه، كما تفرد علاو بإعادة توثيق الألعاب الشعبية على امتداد الوطن اليمني المترامي، فقدم المهرجانات الشعبية والألعاب التاريخية، وأعاد إحياء الألعاب الشعبية المنسية والمدفونة، قدمها بطريقة إمتاعية متناغمة ومغرية، مع جوائز وجماهير وحضور مجتمعي كبير. كما أظهر وكرم المواهب اليمنية في مختلف العلوم والمعارف والتخصصات الإنسانية التطبيقية والنظرية، كما بقضايا الأمة العربية والإسلامية، فأعاد تقديم الأمجاد الماضية والروايات الخالدة.
لقد كان برنامج فرسان الميدان ملحمة متكاملة من الإبداع، وموسوعة معرفية من الشمول والإبهار، برنامجا جامعا للمعلومة والمتعة والفائدة، للثقافة والتاريخ والفكر والمعرفة والسياحة والتراث والإنسانية، ومنتجًا واسعًا للوعي، ولطالما أفرز وعيًا كبيرًا، وإدراكًا شعبيًا بالغًا، ومن خلاله تعرف الناس على ثراء معرفي كبير جدًا جدًا، ولقد صنع هذا البرنامج للفضائية اليمنية والسعيدة توسعًا مكتملًا، وإجماعًا شعبيًا ووطنيًا، وهذا كله لم يكن سيتحقق لولا علاو.. النجاح الذي حققه فرسان الميدان هو في جوهره انعكاس لشخصية وقوة وشمولية علاو. هذه هي الحقيقة الخالصة، ومعالم النجاح الإعلامي الشامل.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك