في ذكرى إعلان الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في العام 90 ومع استمرار غياب الدولة وبقاء صنعاء تحت نير الحوثية الارهابية، تشهد الساحة الإعلامية صراع بين مشروع الانفصال والاخر الوحدة، أيهما أحق في التغلب على الآخر وتحقيق أو استمرار مشروعه، صراع بدون إدارة تضبط ايقاعه وتتجه به نحو هدف أكثر شمولية يفترض بالجميع أن يكون بوعي عالٍ بأهمية مشروع استتباب الدولة والشرعية واستعادة صنعاء، بدون ذلك يبقى الجميع بلا هدف يحمي تلك المشاريع المتعلقة بالوحدة أو الانفصال.
من حق أي مكون سياسي او اجتماعي أن يصرح بأهدافه وطموحاته وبرامجه التي يسعى من خلالها إلى تحقيق مشروعه، ولكن من المهم أن يكون هذا الأمر في ظل وجود دولة حقيقة وفاعلة في الميدان، لأنها الضامن الوحيد بحماية وصون الحقوق، ففي ظل وجود دولة تضبط حالة التنافس والصراع بين المشاريع المختلفه يمكن القول أن تحقيق أي مشروع سيصبح أمراً ممكناً.
في جدلية الوحدة والانفصال وفي تطور مستوى الصراع بينهما الى الفضاء الاجتماعي عبر السوشيال ميديا الذي حتما يؤثر في الرأي العام وقد يصب في مستوى الانحدار نحو تطور الصراع الى الواقع الميداني المسلح، وقد ياتي هذا الأمر في ظل غياب تام للدولة والشرعية التي من الممكن ضبط هذا الامر وعدم السماح للانزلاق نحو ما يهدد الجميع، والغياب يصب في خانة الاستثمار الجيد لصالح الحوثية الارهابية في صنعاء.
غياب الوعي بأهمية حضور الدولة والشرعية في التفاصيل اليوميه لا يحسم أي قضية ولا يحقق الهدف الأساسي لإمكانية الحوار والتفاهمات حول مستقبل اليمن ككيان، بل أن بقاء هذه الحالة من الصراع الفوضوي دون تحديد مسار واضح نحو استعادة صنعاء، سيبقي حالة التفكك قائمة، فلا يمكن ان تستمر وحدة مع الشمال في ظل سيطرة الحوثي على صنعاء، ولا يمكن تحقيق الانفصال في ظل الاطماع الحوثية بثروات الجنوب والتهديد المستمر بإعادة احتلاله مرة أخرى.
في كلتا الحالتين تبقى الدولة والشرعية أولوية قصوى من أجل استعادة صنعاء واستقرار المناطق المحررة، وتحت سقف الدولة وتوحيد كل الجهود نحو صنعاء واستعادتها، يمكن لأي حوار أو تفاهمات حول الوحدة والانفصال أن تكون ذو جدوى وقابلة للتطبيق في الواقع.