حكيم الجبلي

حكيم الجبلي

كان صالح يغطي بوجوده نقص أهلية وجدارة الحوثيين وطنياً

Saturday 07 April 2018 الساعة 04:21 pm

من الجائز القول بأن هذه الحرب، في جانب منها، هي حرب يمنية سعودية. كان وجود الرئيس السابق وحزبه في الطرف المقابل للتحالف السعودي يضفي على هذا التعريف للحرب بعض الواقعية وبعض المصداقية في الداخل اليمني على الأقل.
فالخلاف الجوهري لم يكن حول ما إن كانت حربا يمنية سعودية، بل حول جدارة وأهلية وارتباطات الطرف الذي يقول إنه يمثل اليمن في هذه الحرب، أي جماعة الحوثي بالتحديد. الجدارة والأهلية بالمعيار الوطني الكبير.

كان صالح بخطابه السياسي وتاريخه وارتباطاته الوطنية يغطي نقص الأهلية والجدارة لدى الحوثيين. 
في البداية أدرك الحوثيون هذه الحقيقة، وبدهاء وخبث راحوا يخطبون ود صالح الذي لم يكن حينها في وضع يسمح له باتخاذ موقف رافض لليد الوحيدة الممتدة له بظاهر الصداقة والود وسط عالم من الأعداء في الداخل والخارج. وقد أخذوا يطرحون عليه بإلحاح فكرة التحالف معه والاستفادة من خبرته ونفوذه وتحقيق اختراقات في قاعدته الجماهيرية.

بعد نحو ثلاث سنوات من الحرب والفشل السعودي، تناقصت أهمية صالح بالنسبة للحوثيين، وأصبحوا فجأة ينظرون إليه كخطر وعبء ينبغي الخلاص منه. وقد فعلوا ذلك بأقل جهد ممكن.

ليس جديرا بادعاء تمثيل اليمن كل من يحارب باسم الدولة اليمنية في وسائل الإعلام فقط، لكنه في الواقع يسلك مسلك جماعة طائفية مناطقية مسلحة.

الوطنية اليمنية ليست مجرد مزاعم. وإلا فجميع الأطراف بمن فيها الموالية للسعودية يرفعون مزاعم ودعاوى وطنية.

أين هي الجدارة في طرف يقول إنه يمثل اليمن في حربها مع السعودية وهو لا يزال يحاول بعد ثلاث سنين من الحرب جمع الأدلة لإثبات أنها حرب يمنية سعودية؟

الغريب أن هذه الجماعة تعلن أنها تحارب باسم اليمن، بينما هي في الواقع تبني نفسها على صورة مشابهة من نواح كثيرة لحزب الله اللبناني، مع الفارق بالطبع، فالحيز الذي تقتطعه جماعة الحوثي أوسع، بالإضافة إلى اختلافات أخرى كثيرة جغرافية وتاريخية.

ليس في أدبيات الحوثيين ما يوقظ ويخاطب الروح الوطنية اليمنية الجامعة، بما في ذلك محاضرات المؤسس حسين الحوثي التي هي بمثابة مادة التثقيف الأساسية للمنتمين للجماعة.

تعاليم وأفكار الحوثي المؤسس، والتي تستخدم بكثافة في التعبئة والتثقيف الداخلي للجماعة وللتشكيلات العسكرية، لا تصنع سوى وعي مذهبي ووعي سلالي أو وعي سياسي ديني إسلاموي (شيعي) في مواجهة اليهود والنصارى و"المنافقين" والطوائف الإسلامية الأخرى.

تستطيع كجماعة أن تستقطب وتعبىء بالملازم مقاتلين ينتمون إلى نطاق جغرافي محدد عبر استدعاء الخلفية المذهبية التاريخية أو عبر تحريك الروابط الاثنية السلالية، أو الاستفادة من أخطاء وجرائم التحالف السعودي، لكن بشكل عام هذه الملازم لا يمكنها تجييش مقاتلين يمنيين ضد السعودية من حضرموت مثلا أو لحج أو الجنوب عمومًا، حيث "الاحتلال" السعودي الإماراتي يبني قواعده وينشىء تشكيلاته وركائزه. 
فإذا كنت تزعم بأنك تدافع عن اليمن، كما تقول، فهل اليمن الذي تعنيه هو الشمال أو شمال الشمال فقط؟
هل اليمن بالنسبة لك ليس سوى اليمن المؤمن بفكرة الولاية وما عداه لست معنيا به؟
فلو كنت مهتما باليمن كل اليمن، لكانت أدبياتك السياسية ومادتك التثقيفية ذات طابع وطني توحيدي جامع وعابر للمذاهب ومتعال على المناطق والجهات بحيث تستطيع أن تخاطب عواطف وعقول قاعدة اجتماعية واسعة من اليمنيين وتحفّز حميّتهم على أرضهم في كل مكان، من شرق اليمن إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه.