منذ زمن بعيد ومنذ أن قامت دويلات الكهنوت والظلام المتمثلة بالدولة الزيدية الأولى والثانية والدولة القاسمية والدولة المتوكلية وإلى زمن سلطة الحوثيين الكهنوتية، كانت ولازالت قبائل البيضاء الخنجر المسموم في حلوق الإماميين ومشروعهم الطائفي الكهنوتي السلالي والذي أرادوا فرضه عليها بالقوة.
فقد وقفت قبائل البيضاء ضد مشاريع الإماميين التوسعية الكهنوتية وحالت دون وصولهم إلى مناطق جنوب وشرق اليمن منذ مئات السنين، بسبب انشغالهم بالحروب المتعاقبة لإخضاع هذه القبائل لها، وكانوا يفشلون في كل محاولاتهم ويتم استنزافهم في تلك الحروب ويعجزون عن التقدم لما بعدها.
فكان لقبائل البيضاء الفضل -بعد الله- في تقليص مذهب ولاية الفقيه وخزعبلاته وضلالاته، ومنعته من الانتشار والتوسع في مناطق جنوب اليمن وبعض مناطقه الشرقية، وكانت البيضاء سداً منيعاً للمناطق الواقعة بعدها وحولها.
ولقبائل البيضاء الدور الكبير في نجاح ثورة سبتمبر والدفاع عن الجمهورية وفك الحصار عن صنعاء، وكان للعداء التاريخي بين أبناء البيضاء والإماميين وما لاقوه منهم من ممارسات عدائية وإجرامية دور كبير في دفع أبناء البيضاء إلى الصفوف الأمامية مع الأحرار السبتمبريين لمحاربة الإمامة والوقوف ضدها تحت راية الجمهورية والدفاع عنها.
ولازالت البيضاء برجالها الأحرار وستظل سنداً للجمهورية ومددها، والقلعة الحصينة التي استعصت وتستعصي على الإماميين القدامى والجدد ورفضت الذل والعبودية والخضوع لهم، وأبت أن تقبل عليها مشاريعهم.
ورغم ما ارتكبه الإماميون، ولازالوا يرتكبونه، من الجرائم البشعة بحق أبناء قبائل البيضاء، كالجرائم التي ارتكبها المطهر شرف الدين بعد سقوط الدولة الطاهرية في منطقة رداع بقتل ألفي أسير من أبنائها الرافضين له، وما ارتكبه الإمام يحيى وابنه أحمد من جرائم في حروبهم المتكررة للتوسع إلى مناطق البيضاء وما بعدها في محاولاتهم لإخضاعها لسلطتهم، وآخرها الجرائم التي ارتكبها ولازال يرتكبها زعيم المليشيات الحوثية بمليشياته في حروب إجرامية ارتكب فيها كل أنواع الجرائم الجسيمة وانتهك فيها كل محرم في عدة مناطق من البيضاء منذ 2014؛ إلا أن تلك الجرائم المتعاقبة والممارسات الحاقدة على البيضاء لم تخضع أبناءها الأحرار لسلطة الإماميين لا الأولين ولا اللاحقين، ولم تزدهم إلا بغضاً لهم، وأشعلت فيهم نيران الثورة عليهم وزادتهم إصراراً على الوقوف بوجههم ومشاريعهم الظلامية الكهنوتية كخيار اختاره أبناء البيضاء الأحرار منذ مئات السنين، وحمله أبناؤهم وتوارثوه جيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.