الإرهاب... الوصفة السحرية التي تعمل عليها الولايات المتحدة الأمريكية وأجهزة المخابرات العالمية وتستخدمها وفق أجندتها ومصالحها وبمقتضيات الحاجة الآنية والمستقبلية لها، وهكذا يتم ابتزاز الأنظمة والحكومات خصوصا في دول العالم الثالث أو بالأحرى الدول التي جعلت منها أجهزة المخابرات بيئة خصبة لتكون منبعا فكريا وماديا للإرهاب أو أرضا للتجارب الإرهابية.
لم يكن العالم يهتم بشكل أو بآخر بقضية الإرهاب والإرهابيين الذين كانت لهم حظوة في يوم من الأيام خصوصا أيام الحرب في افغانستان، لم يهتم العالم بهذا الأمر وبهذا الشكل من الاهتمام العالي إلا بعد ان تم تنفيذ عدد من الاعتداءات على المصالح الأمريكية في عدة دول، الأمر الذي يعده خبراء إيذانا علنيا بانتهاء الحاجة لتلك التنظيمات والشخصيات وانتهاء مهامها بتحويلها إلى عدو يتوجب القضاء عليه، ودفن أسرار تأسيس تلك الجماعات والتنظيمات واستخدامهم كورقة ضغط على الدول التي مولتهم وآوتهم ودربتهم.
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تلاها من تفجيرات واعتداءات طالت معظم دول العالم، و لا شيء يشغل الدوائر الرسمية وغير الرسمية الا الخوض في فرضيات ونظريات تحاول تفسير ما تعرضت له امريكا رغم الأدلة والبراهين التي قدمت لاتهام هذا الطرف أو ذاك، وفي خضم حالة الرعب والترهيب التي مارستها امريكا بحجة العاصفة الهوجاء التي تجتاح العالم "الارهاب" انبرت عدة دول حول العالم وخاصة الدول العربية في تبني الرؤية الأمريكية عن تورط تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن وحركة طالبان ، متناسين انهما صناعة خالصة للمخابرات المركزية الأمريكية وجزء اصيل من أدواتها التي قادت بهم حربا ضروسا ضد "الاتحاد السوفييتي".
تغافل العالم وما زال عن أسئلة عدة منها:
* لماذا سارعت أمريكا دون تحقيق لاتهام بن لادن ودمرت أفغانستان؟!
*لماذا استمرت امريكا في توزيع تهم الإرهاب على من تريد من أعدائها وقسمت العالم الى قسمين "معي او ضدي" في حالة تنبأ بأنها تريد إخفاء شيئ ما بهذا التصنيف الذي يمنع حق الاستفسار والتساؤل والمناقشة، وما إن انتهت من تدمير افغانستان حتى اعلنت محور شر ثلاثي "العراق - سوريا - كوريا" وتركزت كل الاهتمامات وحقد الانتقام الذي يحمله رامسفيلد وديك تشيني على العراق، باحثين بكل الطرق لإيجاد مبررات لتدمير هذا البلد وكان لفزاعة "الارهاب" وجود في لائحة المبررات الأمريكية لغزو العراق، واتهامها للعراق آنذاك بدعم الإرهاب وإيواء عناصر ارهابية وهذا مضحكا جدا، خصوصا وان الامريكان واجهزة المخابرات العالمية تدرك ان المنبع الاول للجهاديين كان المملكة العربية السعودية التي انضم الالاف من شبابها في صفوف مقاتلي الروس في افغانستان والشيشان لاحقا نظرا لتشبع الشباب السعودي بفكر ديني متطرف معاد لكل شيء خصوصا للاشتراكية، كما تعرف امريكا انها تدعم نظاما قمعيا رجعيا قائما على اساس مذهبي متطرف، ولكن هذا لا يعني الأمريكان مهما كان الأذى الذي سيصيب العالم من دعم مثل تلك الأنظمة طالما بقيت تلك الانظمة طائعة تنفذ ما يطلب وتدفع متى ما طلب.
في الحقيقة اتخذت الادارة الامريكية والدول الغربية فزاعة الارهاب الذي صنعته ومولته كي تسيطر على ثروات الشعوب بالإضافة لإستخدامهم مفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسانية وحرية الشعوب في تدمير ما تبقى في حرب عنوانها الحقيقي "حروب النفط والغاز" وقد حاول بعض الكتاب مثل "جيمس ريدجوي" في صحيفة " فيليج فويس" الكتابة حول الفائدة التي تعود على كبريات شركات البترول الامريكية من عمليات القضاء على الارهابيين والعناصر الاخرى المعادية لامريكا في منطقة اسيا الوسطى والشرق الاوسط.
لقد نجحت امريكا في خلق حرب لا حدود لها ضد عدو لا مرئي "الإرهاب" تتلاءم تماما مع امبريالية العولمة الجديدة، فالمغزى الحقيقي من هذه الحرب المفتوحة ليس السيطرة على الاراضي واقامة مستعمرات، بل السيطرة على اقتصاديات العالم وثرواته ككل في كل مكان وطيلة الوقت.