لم يكتف الحوثيون بتدمير الوطن وتفجير دور العبادة وقتل النفس التي حرم الله، كما لم يكتفوا بنهب الدولة ومؤسساتها وابتزاز التجار وسلب المواطنين قوتهم ومعاشاتهم، فذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك وهو مسخ الإنسان اليمني باستهدافهم الفكري للشباب والقاصرين وجهلة القوم، من خلال زرع ثقافة متطرفة ضد كل من لا يتبع منهجهم أو يؤمن بخرافاتهم ويقدس شخوص قادة هذه الحركة المتطرفة.
يظهر ذلك بوضوح تام عندما تناقش أحد الشباب العائدين من دوراتهم الثقافية، شباب كانوا عنوانا للوسطية والروح المرحة البعيدة عن التطرف أو التمذهب، شباب كنا نعرفهم أنقياء ذوي حضور ثقافي مدني أعادهم الحوثيون إلى متطرفين بصورة مخيفة.
ليس داعش فقط من ينتهج فكر التكفير والتفجير، فها هو الحوثي يؤسس ويزرع مذهبا تكفيريا، وبعيد جدا عن الإسلام النقي، فكرا متعصبا ومستعليا على الجميع، ما إن تناقش أحدهم حتى تكتشف الحقيقة الصهيونية ونظرية الاستعلائية، فكلاهما يدعي الاصطفاء وضرورة استعباد بل قتل المخالف.
تحدثت في نقاش طويل مع أحد الدين كنت أحسبهم من المتنورين منهم، فوجدته يردد أن فلانا "يهودي" ليس بدينه بل أفعاله تدل على يهوديته، وذاك تولى اليهود والنصارى فهو منهم، والله أمرنا يقتالهم، الغريب هي حالة الاعتقاد والإيمان لديه بيهودية كل من خالفهم، والمضحك فيهم يدعون التعايش مع الأديان والمذاهب الأخرى بسلام وفي الحقيقة يفعلون كل ما من شأنه تدمير أي عرى للتعايش.
كل مرة أناقش أحدهم تتعزز لدي القناعة بداعشية الحوثي، وخطره المحيق على الشباب والنشء، فهم جماعة تلبست بالدين من أجل تدمير الدين أولا وسحق الشعب بأكمله، وصرت مؤمنا أن شعارهم وحقدهم على اليهود لا يقصد به بني صهيون، بل كل مخالف لهم من اليمنيين فهو "اليهودي" بأفعاله أو كما يقولون "اليهودي داخله" وهذا سبب كاف في نظرهم لقتله وتشريد أهله وسلبهم كل ما يملكون.