جلال محمد
جماعة العبوات الناسفة والألغام... إما أحكُمكم أو أقتلكم
"فجّروا الأسواق، والطرقات، وأماكن التجمعات، نريد أن ننكل بأعداء الله"، لهذا الأمر وبهذه الطرق الإرهابية جند الحوثيون خلايا نائمة في المناطق التي أُرغموا للخروج منها، مستخدمين الأطفال والنساء في نقل وزرع العبوات الناسفة ورصد الأماكن المستهدفة ومتى تكون ذروة ازدحامها ليكون عدد الضحايا كبيراً، شاهدت إعادة لفيلم وثائقي بُث قبل نحو عامين، يعترف فيه مجموعة من الأطفال والشباب والفتيات بعد أن تم القبض عليهم في محافظة مأرب، كيف جندهم الحوثي بغرض زعزعة الأمن وإرهاب الآمنين وإحداث موجة تفجيرات تستهدف الأبرياء دون أي رادع ديني أو أخلاقي أو إنساني، يدفعه في ذلك الحقد على الوطن والمواطن وكل مخالف له ومعترض على نهجه وعنجهيته.
حقد أعمى وطرق إرهابية متعددة تنتهجها هذه الجماعة.. يالله، ألهذا الحد كنا مخدوعين فيهم، و لم نستوعب كلام الهالك الصماد في إحدى مقابلاته الصحفية وهو يقول بما معناه "للمتذمرين من أنصار الله، هل تريدون أن يكون بديلهم داعش، والتفجيرات والاغتيالات"؟! لم نفهم ـ حينها ـ أن الصماد كان يلمح لإحدى الطرق التي تنتهجها جماعته في ترهيب المجتمع، فهي الطريقة المُثلى لهذه الجماعة التي تعادي الحياة وتعشق الدم وتتخذ من الموت شعاراً ومن استباحة دم ومال وكل حقوق شعب بأكمله ما دام لا يؤمن بفكرها ولا يسلم بمنطقها الإجرامي، وهذا دأب المليشيات والجماعات الخارجة عن القانون.
عدتُ بذاكرتي للوراء واستذكرت موجة الاغتيالات التي طالت أكثر من 169 شخصاً من منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية بمختلف الرتب، وسلسلة التفجيرات التي استهدفت العاصمة صنعاء، يبدو أن ما حدث كان سبباً للجماعة لتبدي تهيئتها الإعلامية وتهييج مشاعر المجتمع ضد تلك الأعمال الشنيعة، مدعية حب المواطن، ومستغلة حالة الشقاق والخلاف بين المؤتمر والإصلاح "قيادات وقواعد" خصوصاً في ظل الحقد والشطحات التي كانت تبديها وما زالت "خلية قطر وتركيا" في حزب الإصلاح، مما عمق الخلاف والنفور الشعبي واستغل الحوثي هذا الأمر للوصول لمبتغاه وهو الانتقام من وطن موحد وشعب جمهوري.
تساءلت، كما يتساءل الكثيرون: لماذا لم تقم هذه الجماعة الكهنوتية بالبحث والكشف عن قتلة جدبان وشرف الدين والخيواني وغيرهم من المحسوبين عليها، إن كانت فعلاً تحترم دماء أتباعها، لكن الحقيقة صادمة فعلاً، فالنتائج ستكشف أساليب الجماعة في التصفيات حتى لأتباعها خصوصاً أولئك الذين يحظون بالحضور والاحترام المجتمعي، من أجل كسب تعاطف أكبر والتفاف حولها بإيهامهم بأنهم "مستهدفون" وما تقوم به هذه الجماعة وأمنها الوقائي يندرج في إطار حمايتهم والمجتمع مهما بلغ فسادهم أو ضررهم وتدميرهم، وهذا ما يتضح جلياً من خلال استهدافهم لمن يعود إلى رشده من أتباعهم والتهم جاهزة "داعشي، التخابر".
حقيقة، لقد جعلني "الفلم الوثائقي" أتساءل: يا ترى كم خلية لهم في الحديدة وصنعاء وذمار وإب وبقية المحافظات التي يسيطرون عليها وفي طريقها للتحرر منهم؟! كم طفلاً وامرأة جندوا؟! كم عبوة ناسفة جهزوا، و كم سوقاً ومدرسة ومسجداً وطريقاً جعلوها أهدافاً مشروعة ليسفكوا فيها دماء الأبرياء من أبناء شعبنا، الشعب الذي زايدوا بمأساته، واحتموا بصموده وصبره وتحمله، كم عدد "الفتاوى" التي أصدرها سيدهم لتبرير تلك الجرائم؟!
لا زلت على ثقة كبرى أن هذه الجماعة إلى زوال بما اقترفته بحق الوطن والشعب، وستكون عبرة سيئة، وسينكشف الزيف أكثر وأكثر ويصحو المغيبون والمغرر بهم ممن لا زال في صفهم، وسيعرفون أي عار لازمهم طيلة بقائهم مع هذه الجماعة المارقة، وأي إجرام ارتكبوه وهم مغيبون، وكم نفساً أزهقوها ظلماً وعدواناً، وسيعلمون ـ أيضاً ـ أنهم كانوا كباش فداء وحطبَ حرب يُزج بهم لمقاتلة شعبهم، بل وقتل مستقبلهم حين يدركوا أنهم عملوا على تدمير البلاد والمؤسسات الحكومية وتسليمها لأيادٍ كهنوتية إمامية عميلة لأجندة خارجية ومريضة بحقدها الطبقي السلالي، إن لم يبادر المغرر بهم والمجتمع الساكت عليهم للتطهر منهم بالعودة لحضن الوطن والدفاع عن الجمهورية وتوعية الآخرين من خطر وألاعيب وخدع الجماعة السلالية الحوثية، ما لم فسيندمون حين لا ينفع الندم ولم يبقَ متسعٌ لأي قبول شعبي بهم، وسيُلفَظون كما يلفظ البحر جيفته.