كيف يكون شعور الواحد منكم لما يكون معك تلفون جوال فيه كل ارقام الناس اللي تتواصل معهم، وفيه صورك وحساباتك الخاصة على الفيس والتويتر والواتس وفجأة يضيع منك.. أكيد الأمر طفيح، ويخليك تجلس لفترة من الوقت مطنن وراسك يطوس تتذكر الأماكن اللي مشيت منها وجلست فيها وجوالك معك.
وتجلس لوقت طويل تشوف كل واحد معه نفس تلفونك هو السارق. ولو أنت جالس في مكان وسمعت رنة تشبه نفس رنة تلفونك يجي لك إحساس المنهوب، وتقوم هاذيك الساع تتلفت على التلفون الشبيه وما تقتنع أن تلفونك انسرق خلاص وانتهى أمره إلا لما تشتري تلفون ثاني وتبدأ تستعيد ذاكرتك وأنت مفكود، وهذا وهو مجرد تلفون تطنن لوما تقول بس، وكيف لما يكون الأمر متعلق بوطن بأكمله انسرق منك؟ وطن فيه كل ذكرياتك ومدخراتك واشياؤك الثمينة.
وطن فيه أهلك وناسك واصدقاؤك واحبابك ومعاشك وحلك وترحالك، كيف يكون حالك؟ أكيد تطنن.
وكيف لما تجي تدور على وطنك المسروق في الشارع العام اللي كان يمشي منه كل يوم، وماتلقاهش، تطنن وإلا ماتطننش؟
وكيف لما تخرج تدور عليه في الحارة وتصادف أن قد في الحارة ناس ثانيين غير الذي كنت تعرفهم ويعرفوك، وفجأة يسألوك: من أنت؟ ومامعك هانا ياجني؟
تطنن وإلا ماتطننش؟
وكيف لما تجي تدور على وطنك المسروق في خارطة الفصل الذي كنت تدرس فيه وتلقى أن ملامحه قد تغيرت، وأن قده مقسم اشتات وكل جهة منه وكل مدينة قدها بيد فلان وعلان وانت تايه بينهم كلهم، تبحث عن اللص.
وتتنقل بين القرى والمدن ونقاط التفتيش المنشرة في مهمة للبحث عن وطنك وعن اللص، وكلهم يفتشوك ويحققوا معك كأنك أنت اللص
وعلى الشاردة والواردة يسألوك: أين سايري ومابتدور؟
تطنن والا ماتطننش؟
اكيييد تطنن
وتزيد تطنن أكثر وأكثر لما تروح تعمل إعلان مفقودات في الجريدة تقول فيه "لص متخفي سرق مني وطني، فعلى من يجده يسلمه لأقرب شرطة، وتكتشف أن اللص نفسه الذي سرق وطنك قد سرق الجريدة كمان، تطنن والا ما تطننش؟
اكيد تطنن
تضبح من هذه الحالة وتروح تتقدم ببلاغ إلى قسم الشرطة بأن وطنك انسرق منك، وهناك وانت في قسم الشرطة يستلم منك البلاغ السارق نفسه؟! وتروح النيابة متحمس تشتكي وتكتشف أن اللص الذي سرق وطنك وسرق الجريدة وسرق قسم الشرطة هو نفسه رئيس النيابة، ويسألك: ماهو ياخبير؟ مامعك؟
- تقوله:
وطني انسرق مني، وقبلما تكمل الشكوى يقولك وهذا الذي أنت فيه ماهو؟ وطن وإلا هو نفيخة؟ ويحيل شكوتك إلى المحكمة.
وتروح المحكمة وأنت مصمم تبلغ عن وطنك المسروق، وهناك وأنت في المحكمة تكتشف أن القاضي هو السارق نفسه، وهو القانون وهو الحاكم بأمر الله وهو الإسلام والرسول جده، وانت المدان الذي يستحق العقاب؟
تطنن والا ما تطننش؟
اكيييد تطنن ونص..
