يكذب اليمني حين تسأله (كيف حالك؟)، فيرد آلياً (الحمد لله بخير)، والحقيقة تحول البلد مقبرة وسجناً مرعباً في آن واحد، وأحوال الناس يُرثى لها.
بلدنا منكوبٌ بالحرب والمجاعة وتبعاتها من كوارث الانفلات وغياب الدولة، وحياة الناس سيئة للغاية، ومن لم يمت قتلاً وغدراً يموت جوعاً وتشرداً وقهراً، ولا بواكيَ لهم.
اقتصاد مدمَّر، وعملة منهارة، وغلاء فاحش للمواد الغذائية والدوائية والاستهلاكية، والنفط والغاز، والمؤلم أصبح قوت المواطنين في أيادي عتاولة التجار الفجار والأسواق السوداء.
الآباء قتلى أو مسجونون أو فقراء ينتظرون الرحيل من الدنيا، والشباب تائهون بلا عمل وبعضهم يلهث خلف الأوهام بعد أمراء الحرب، والنساء والأطفال يفترسهم الجوع في المنازل ومخيمات النزوح.
مدن واجمة ومسكونة بالمخارف ويحكمها القتلة ومريحة لقلة تملك المال والنفوذ، والقرى هامدة مذهولة منسية، والمخيمات تعج بالمشردين من جحيم حروب السواحل وأطراف المدن.
الطرقات غير آمنة والتنقل فيها ليس متاحاً للجميع، فالنقاط الأمنية والعسكرية لأطراف الاقتتال تتفق على ابتزاز وإهانة المسافرين واختطاف بعضهم بتهم كيدية، وأحياناً تترصدهم بالهوية.
وحدها، المجاعة والأوبئة تتنقل بحرية وبلا هوية شمالاً وجنوباً دون مخاوف من نقاط أمنية باحثة عن أعداء مفترضين وشبكات ألغام تقطف حياة العابرين البائيسن والمشردين بين ضفتي الجحيم.
إنها الحرب، وأراد تجار الدماء والمآسي لإنسان اليمن دفع ثمنها، وتحمل مواجعها، والكف عن الأنين، ولم يعد أمام الشعب غير الحياة بصمت إلى حين يقررون وقف القتال وتقاسم سلطة وثروة البلاد.
إجمالاً، يكذب من يقولون هناك حياة كريمة آمنة وسط الحرب، والأغرب من ينصحون ملايين السكان تجنب الكوارث واجتراح ظروف ملائمة للحياة رغم معرفتهم المسبقة بتفاصيل الواقع الكارثي.