عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

إيران وتركيا.. الأوهام والأزمات والأتباع

Wednesday 22 August 2018 الساعة 03:57 pm

داخلياً ودولياً تعيش تركيا وإيران أزمات خانقة على المستويات المختلفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، نجل ونقدر ونحترم بكل عمق هذه الشعوب وحضاراتها العريقة، وعلاقتنا التاريخية وكل الروابط العظيمة والوثيقة التي تربطنا بهذه الأمم والشعوب.. لكننا نختلف مع الأنظمة الحالية التي قبل أن تسيء إلينا أساءت في حق تاريخها وشعوبها، وقادتهم إلى مآسٍ ومأزق كبيرة ومعقدة، وهكذا هي نهاية كل نظام عبثي وفوضوي ومتسلط يتهرب من مواجهة مشاكله الحقيقية ليعيش أوهام وخيالات التوسعات والسيطرة وتصدير أفكاره وتجاربه للآخرين الذين هم في غنى عنها، فأفكاره وتجاربه المتخلفة ليست خاصة به وحسب، بل إنها أصبحت فاشلة وأصبحت مشكلة وكارثة وكابوساً على شعوبهم.

لم يعد هنالك لاثورة إسلامية ولا اقتصاد تركي، ثورة الخميني اتضح وجهها الأقبح وعرف الشعب الإيراني أنه وقع في مأزق تاريخي مع الخميني والملالي يشعر الشعب الإيراني بالمرارة وبسطحيته وسذاجته حين ثار على الشاه فأصبح اليوم يقدم اعتذاره وأسفه للشاه، فهو يرفع صوره في مظاهراته ضد نظام الملالي، وهو يتجرع المآسي ويحس بمرارة الندم ومأزقه الكبير مع هذا النظام.

اوردغان كل يوم يذوب ويتلاشى كل ما زايدوا وادعوا بأنه إنجازه، تعثرت تركيا بالانضام للاتحاد الأوروبي بسبب سياسته، خسرت تركيا إرثها العلماني العظيم، وتخسر اليوم اقتصادها، حقيقة كان لايزال لأوردغان شعبية تفوق التحالف ضده بنسبة ضئيلة جدا لكنه اليوم مؤهل لخسارة الأكثر ولتوسيع السخط السياسي والشعبي ضده، فهو يعيش حالة متواصلة من الانهيار والتراجع وإن كانت بطيئة وتدريجية، فبالامس كان يعارضه أحزاب محددة ونخبة معينة، وسط تأييد كبير جدا، لكن الأمر اتسع ليشمل أحزابا اسلامية كانت حليفته وسخط شعبي عام يتنامى باستمرار كلما اتضحت له الحقائق.

حين تعيش تركيا وإيران أزمة هذه الأنظمة وفشلها واخفاقها وتسلطها فنحن في العالم العربي نعيش أزمة الاتباع لأنظمة هذه الدول، أزمة تطرفاتهم وارتباطاتهم العابرة للحدود، فهم رضوا بأن يكونوا أداة لطعن أمتهم والنيل منها لإشباع تهور أنظمة أيديولوجية وطائفية تعيش عقدة التاريخ وأزمة الأيديولوجيا وهوس التوسع والسيطرة وإشاعة الفوضى وتصدير الإرهاب.

هل سيعي هؤلاء الاتباع بأنه ليس بصالحهم أن يكونوا ثغرة ووسيلة لطعن أمتهم وبأن اقتباس الأفكار والتجارب التي لاتناسب واقعهم ولابيئهم ليس في مصلحتهم وبأن الشعوب بإيران وتركيا سوف تتحرر يوما من هذه الأنظمة؟!

فحقيقة لم تعد مؤهلة للسيطرة الداخلية ناهيك عن التوسع والسيطرة الخارجية، فقد أصبحت هذه الأنظمة وأفكارها في مرحلة الشيخوخة وكل يوم تنهار وتتعمق مشاكلها وتعيش أزمات مختلفة ومتتالية.

هل سيعي هؤلاء الاتباع بأنه لصالحهم التمسك بقيم أمتهم وأن لايكونوا ثغرة وأداة لطعنها، فأمتهم هي من ستبقى حين تنهار الطائفية والايديولوجيات؟!