جلال محمد
أزمة العالم التي أشعلها ترامب نتاج حي للأحادية القطبية
تاريخياً لم يشهد العالم تقلّبات سريعة مثلما نشهده اليوم في مجمل العلاقات الدولية... كما أن تاريخ الأزمات الدولية، لم يعرف أزمة معقّدة كما هو شأن الأزمة الدولية الآن.. أزمة معقّدة تحتوي بداخلها على عدد لا يحصى من الأزمات، والحقيقة أن هذه الأزمات هي نتيجة الأحاديّة القطبيّة التي جنت على العلاقات بين الدول، فقد نسفت هذه الأحاديّة التي بشّرت بعولمة ذات توجّه واحد، الفكر الإنساني وكلّ فلسفة ممكنة في العلوم السياسية..
اليوم، تنتفض دول أوروبية، كانت قد باركت انهيار القطب الثاني الذي كان يؤمّن التوازن (الاتحاد السوفيياتي)، تنتفض فرنسا وألمانيا وبقيّة القوى الإقليميّة، لأنها تفطّنت «متأخّرة» إلى أن القرن الأمريكي إلى زوال.. وأن قوّة واحدة لا يمكن أن تسوس العالم ولا يمكن أيضاً أن تبقى متفوّقة على الدوام..
فرنسا «ماكرون»، ومن شدّة الضغط الأمريكي تدخّلا وترويضا، نجدها الآن تقول إن روسيا يمكن أن تؤمّن أمن أوروبا!
نفس الموقف نجده لدى قوى إقليمية أخرى عُرفت بميولاتها للولايات المتحدة الأمريكية..
اليوم يقف العالم على الأخطاء في الاقتصاد والتّجارة، حين انحاز الجميع... في تسعينات القرن الماضي ـ إلى الخيار الأحادي في التجارة العالمية، فكان أن خنقت الولايات المتحدة الأمريكية كلّ القوى الصناعية الغربية قبل غيرها... وكان شنقا وخنقا بـ«الحرير»..
كما «نيرون» روما، نجد الرئيس الأمريكي «ترامب» يتصرّف في السياسة وفي العلاقات بين الدّول، وكأنّه يرأس شركة وليست دولة مقابل دول، ينظّم علاقاتها إرث قانوني دولي، وفوق الجميع قرارات الأمم المتحدة التي يريد «ترامب» أن يواريها النسيان.
أزمات تتوالد وسببها الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الدولة التي ظنّت أنّ ابعاد شبح الحرب والنزال عن جغرافيتها يمكن أن يفتح لها المجال كي تسوس العالم بعنجهيّة..
العالم اليوم، أزمته الخانقة تتمثّل في الاقتصاد والتجارة والمالية... وإنّ شعوب العالم اليوم تعاني من نفس القاسم المشترك: انخرام التوازن بين الاستهلاك والإنتاج..