منجذبون، بشدة، لاستحضار ماضينا الدموي المتخلف وإغفال مستقبلنا أو على الأقل الجوانب المشرقة والإيجابية في ماضينا، وهذا سبب رئيس لما نحن فيه اليوم.
فالكثير من كتابات ونقاشات وأفكار النخب السياسية، الدينية، الإعلامية والحقوقية، أسيرة العقل اللا واعٍ الذي تم حشوه خلال سنوات النمو الأولى بصراعات الماضي وتصويرها كأمجاد تستحق الموت دفاعاً عنها وتكريس الجهد والفكر لأجلها لا كتجارب بشرية قابلة للمراجعة والنقد الهادف إلى الاستفادة منها للمستقبل وتجاوز مآسيها.
طريقة التفكير الماضوي السلبي المتأصلة فينا، تمثل سبباً رئيساً لما نحن فيه من صراعات متوالية وخراب دائم وفقر وتشرد، بينما الثروات المخبوءة تحت أقدامنا كفيلة بالانتقال بنا إلى مستقبل أفضل إذا نظرنا يعين المستقبل لا الماضي.
لكن للأسف، لم نتجاوز الماضي السلبي على المستوى الشخصي، ولم نتعافَ من تمجيد التاريخ الدموي القمئ على المستوى الحضاري ولم نصحح النظرة الخائفة المرتابة من المخالف القريب أو البعيد على مستوى علاقاتنا الشخصية أو الجماعية.
يصعب أن تفتح نقاشاً جاداً وتجد تفاعلا حقيقيا في مجموعة واتس آب إذا كانت فكرتك تتعلق بالمستقبل.
نادراً من يشاركون في مواضيع جادة من قبيل ".. مستقبل اليمن في ظل انهيار منظومة التعليم..." أو "...كيفية الحد من الآثار الخطرة لخطاب العنف والكراهية في الإعلام المحلي.." أو "... الاستراتيجية التي سلكتها الهند أو اليابان أو الصين أو غيرها من الدول التي دمرتها نزاعات مسلحة منتصف القرن الماضي أشد مما نحن فيه اليوم بآلاف الاضعاف واليوم أصبحت دولاً صناعية غنية متقدمة...".
في حين لو تسائل أحدهم عن "...حقيقة الشجاع الأقرع في القبر" أو "..البراق ليلة الإسراء.." أو "...منطقية ثورة الحسين بن علي" سيجد نقاشا حادا يصل حد التكفير والتهديد بالموت كطريقة عربية للخلاص من الفكر المخالف حتى لو كان ما يطرحه مجرد تساؤلات أو أفكار قابلة للنقاش.
الخطاب الديني غارق باستمرار في استحضار الماضي؛ عشرات آلاف الخطباء في اليمن يبددون عشرات آلاف الساعات أسبوعيا في خطب جمعة يحتل الماضي أكثر من 90% من قصصها وامثلتها بما في ذلك التحريض على العنف والكراهية. تجد غالبيتهم يقولون كلاما لا علاقة له بحياة وهموم وتطلعات المصلين.
لو أن الخطيب الذي يمجد تجربة فردية للخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين عفا عجوزا يهوديا من دفع الجزية، وهي لا شك تجربة متقدمة في حينها، لو أنه اطلع على أنظمة الضمان الاجتماعي وحقوق الأقليات وحقوق المهاجرين غير الشرعيين وغيرها من القيم التي أصبحت تطبقها دول يصفها الخطيب بالكافرة، كنظام مؤسسي له معايير وضوابط واضحة محددة ويستوعب سنويا آلاف المهاجرين غير الشرعيين والأقليات الدينية وغيرهم ممن يحصلون على مرتبات شهرية ومسكن وعلاج وتعليم مجاني وجواز سفر ولا يستطيع أحد أن يمن عليه بشيء من ذلك لأنه يحصل عليه كحق أصيل لا كهبة.
لو أن الخطباء ركزوا خلال عام واحد فقط وربما أشهر على تعريف جمهورهم بتلك التجارب الحية بشكل يحث المجتمع على انتزاعها ويحث الدولة على الأخذ بها وتطبيقها لأسهموا في تحسين حالة الضمان الاجتماعي وحقوق المهاجرين واللاجئين والنازحين، ولتسببوا في حفظ كرامة آلاف العجزة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من المستحقين.
لكن بقاء الخطاب الديني والسياسي والإعلامي والنخبوي إجمالا أسيرا للماضي ولا يرى المستقبل تسبب في خسائر فادحة وفوت الكثير من الحقوق العامة والخاصة.
مستوى حياة سكان أغلب القرى اليمنية اليوم يفوق أرقى مدن العالم قبل 200 سنة بشكل لا يحتمل المقارنة في كثير من تفاصيل الحياة وسبل المعيشة؛ ففي أغلب القرى توجد طاقة شمسية؛ يتوفر الماء النقي. والسيارات والإنترنت والهواتف النقالة. ومع ذلك تجد خطيب الجمعة يمجد حياة مضت بل وصراعات طحنت أجدادنا قبل أربعة عشر قرنا من الزمان.
الكثير من الناشطين السياسيين والإعلاميين مشدودين إلى الماضي. تجد أحدهم أكاديميا تجاوز الخمسين.. عاش حياة بائسة في ظل حكم شمولي قمعي إرهابي ومع ذلك تجده اليوم متغنيا بذلك النظام وتلك الحقبة كما هي بالضبط.. غير مدرك حجم استحالة قدرته شخصيا على العيش في القرية ناهيك عن إعادة المجتمع إلى ذلك الزمان.
حاجتنا ماسة لمراجعة طرق تفكيرنا ونقاشاتنا بحيث تكون مرتبطة بالمستقبل. . وحتى النظر إلى الصراعات القديمة والخراب المحيط بنا اليوم نظرة مستقبلية إيجابية. سيتحقق الكثير من ذلك عندما نجعل تفكيرنا ونقاشاتنا بصيغة المستقبل الإيجابي.
منجذبون، بشدة، لاستحضار ماضينا الدموي المتخلف وإغفال مستقبلنا أو على الأقل الجوانب المشرقة والإيجابية في ماضينا، وهذا سبب رئيس لما نحن فيه اليوم.
فالكثير من كتابات ونقاشات وأفكار النخب السياسية، الدينية، الإعلامية والحقوقية، أسيرة العقل اللا واعٍ الذي تم حشوه خلال سنوات النمو الأولى بصراعات الماضي وتصويرها كأمجاد تستحق الموت دفاعاً عنها وتكريس الجهد والفكر لأجلها لا كتجارب بشرية قابلة للمراجعة والنقد الهادف إلى الاستفادة منها للمستقبل وتجاوز مآسيها.
طريقة التفكير الماضوي السلبي المتأصلة فينا، تمثل سبباً رئيساً لما نحن فيه من صراعات متوالية وخراب دائم وفقر وتشرد، بينما الثروات المخبوءة تحت أقدامنا كفيلة بالانتقال بنا إلى مستقبل أفضل إذا نظرنا يعين المستقبل لا الماضي.
لكن للأسف، لم نتجاوز الماضي السلبي على المستوى الشخصي، ولم نتعافَ من تمجيد التاريخ الدموي القمئ على المستوى الحضاري ولم نصحح النظرة الخائفة المرتابة من المخالف القريب أو البعيد على مستوى علاقاتنا الشخصية أو الجماعية.
يصعب أن تفتح نقاشاً جاداً وتجد تفاعلا حقيقيا في مجموعة واتس آب إذا كانت فكرتك تتعلق بالمستقبل.
نادراً من يشاركون في مواضيع جادة من قبيل ".. مستقبل اليمن في ظل انهيار منظومة التعليم..." أو "...كيفية الحد من الآثار الخطرة لخطاب العنف والكراهية في الإعلام المحلي.." أو "... الاستراتيجية التي سلكتها الهند أو اليابان أو الصين أو غيرها من الدول التي دمرتها نزاعات مسلحة منتصف القرن الماضي أشد مما نحن فيه اليوم بآلاف الاضعاف واليوم أصبحت دولاً صناعية غنية متقدمة...".
في حين لو تسائل أحدهم عن "...حقيقة الشجاع الأقرع في القبر" أو "..البراق ليلة الإسراء.." أو "...منطقية ثورة الحسين بن علي" سيجد نقاشا حادا يصل حد التكفير والتهديد بالموت كطريقة عربية للخلاص من الفكر المخالف حتى لو كان ما يطرحه مجرد تساؤلات أو أفكار قابلة للنقاش.
الخطاب الديني غارق باستمرار في استحضار الماضي؛ عشرات آلاف الخطباء في اليمن يبددون عشرات آلاف الساعات أسبوعيا في خطب جمعة يحتل الماضي أكثر من 90% من قصصها وامثلتها بما في ذلك التحريض على العنف والكراهية. تجد غالبيتهم يقولون كلاما لا علاقة له بحياة وهموم وتطلعات المصلين.
لو أن الخطيب الذي يمجد تجربة فردية للخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين عفا عجوزا يهوديا من دفع الجزية، وهي لا شك تجربة متقدمة في حينها، لو أنه اطلع على أنظمة الضمان الاجتماعي وحقوق الأقليات وحقوق المهاجرين غير الشرعيين وغيرها من القيم التي أصبحت تطبقها دول يصفها الخطيب بالكافرة، كنظام مؤسسي له معايير وضوابط واضحة محددة ويستوعب سنويا آلاف المهاجرين غير الشرعيين والأقليات الدينية وغيرهم ممن يحصلون على مرتبات شهرية ومسكن وعلاج وتعليم مجاني وجواز سفر ولا يستطيع أحد أن يمن عليه بشيء من ذلك لأنه يحصل عليه كحق أصيل لا كهبة.
لو أن الخطباء ركزوا خلال عام واحد فقط وربما أشهر على تعريف جمهورهم بتلك التجارب الحية بشكل يحث المجتمع على انتزاعها ويحث الدولة على الأخذ بها وتطبيقها لأسهموا في تحسين حالة الضمان الاجتماعي وحقوق المهاجرين واللاجئين والنازحين، ولتسببوا في حفظ كرامة آلاف العجزة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من المستحقين.
لكن بقاء الخطاب الديني والسياسي والإعلامي والنخبوي إجمالا أسيرا للماضي ولا يرى المستقبل تسبب في خسائر فادحة وفوت الكثير من الحقوق العامة والخاصة.
مستوى حياة سكان أغلب القرى اليمنية اليوم يفوق أرقى مدن العالم قبل 200 سنة بشكل لا يحتمل المقارنة في كثير من تفاصيل الحياة وسبل المعيشة؛ ففي أغلب القرى توجد طاقة شمسية؛ يتوفر الماء النقي. والسيارات والإنترنت والهواتف النقالة. ومع ذلك تجد خطيب الجمعة يمجد حياة مضت بل وصراعات طحنت أجدادنا قبل أربعة عشر قرنا من الزمان.
الكثير من الناشطين السياسيين والإعلاميين مشدودين إلى الماضي. تجد أحدهم أكاديميا تجاوز الخمسين.. عاش حياة بائسة في ظل حكم شمولي قمعي إرهابي ومع ذلك تجده اليوم متغنيا بذلك النظام وتلك الحقبة كما هي بالضبط.. غير مدرك حجم استحالة قدرته شخصيا على العيش في القرية ناهيك عن إعادة المجتمع إلى ذلك الزمان.
حاجتنا ماسة لمراجعة طرق تفكيرنا ونقاشاتنا بحيث تكون مرتبطة بالمستقبل. . وحتى النظر إلى الصراعات القديمة والخراب المحيط بنا اليوم نظرة مستقبلية إيجابية. سيتحقق الكثير من ذلك عندما نجعل تفكيرنا ونقاشاتنا بصيغة المستقبل الإيجابي.