عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

القيم الشكلية انحراف وتخلف وإرهاب

Monday 24 September 2018 الساعة 08:55 am

كما تتعرض الأديان بكل طهرها وقدسيتها للتحريف والاستغلال والتشويه، كذلك تتعرض الثورات وكل الحقائق العظيمة والقيم الأخلاقية الإنسانية للتحريف والتشويه.

ولهذا لم يتوقف ربنا عن إمداد الإنسانية بنبي أو رسول واحد، وإنما بعث رسلاً وأنبياء كُثر..

ووجد الفلاسفة والثوار والمصلحون والعلماء والقادة والمبدعون، الذين يعملون على إعادة الحقائق إلى مساراتها الطبيعية، ويخلصون الإنسانية والمجتمعات من انحرافاتها وجهلها، وبالتالي كانت مهام جسيمة وخطيرة تواجه بالعنف والقتل غالبا.

هكذا كانت الحقيقة غالباً هي تفكير مختلف وشاذ عن تفكير المجتمع، وكان يتم مقارنة التفكير الجديد بناء على المنطق السائد وهو الذي يسمى اليوم الخطاب التقليدي أو التفكير التقليدي ولم يكن يتم مقارنة الدعوات الجديدة بناء على ما تحمل من الحقائق وتصحح الانحرافات والأخطاء الفكرية والأمراض التي عشعشت في عقول المجتمع حتى أصبحت مقدسات وحقائق مسلمة وهي ليست أكثر من خطايا وأخطاء وتزوير تاريخي.

بدايات الانحرافات للاديان او الثورات ومختلف القيم الانسانية تبدأ مساراتها الأولى حين يتم وضع الأسس للتحريف من قبل جهلة ودجالين ولصوص وذلك بجعل هذه القيم شكلية وقتل الروح الحقيقية في داخلها وفي تأثيرها بحياة الناس وقلوبهم وتفكيرهم، ومن هنا يتطور الانحراف الى مراحل ومنعطفات مختلفة حتى تنقلب هذه القيم تدريجيا الى ما هو العكس لها تماما، ولم يعد يتبقى منها إلا اسماء وشكليات وتقاليد تخالف روح هذه القيم ومنطلقاتها وأسسها وجوهرها الى ما هو عكسها ونقيضها تماماً، فقط تبقى الأسماء والشكليات تشهد على انحرافات عظيمة وحقائق غائبة.

تنقلب الأديان من توحيد الله وإقامة العدل بالأرض واعمارها وتشذيب وتهذيب النفوس وتنوير العقول الى شرك بالله وإفساد للعقل والفطرة وهدم وقتل وظلم وسلب.

إن الرسل الذين كانوا يدعون لتوحيد الله تم عبادتهم هم وجعلهم آلهة (وما كان لنبي أن يأتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله).
(ولايأمركم بأن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد اذ أنتم مسلمون). (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله).

إن التقديس والتقليد والقيم الشكلية وغياب النقد والمحاججة بالحق تمثل النقطة الأولى لعبادة البشر وتأليههم.
ونفس الأمر يكون لقيم وأحداث ومنطلقات يتم عبادة شكلها وقتل روحها.

إن قتل روح ثورة وطنية عظيمة، وجعلها جانبا شكليا وتقيليدا وكل يفصلها على مقاسه ويوظفها بصراعاته ومصالحه، قد أوصلنا إلى ما نحن اليوم عليه من الانزلاق نحو الهاوية بعد أن مر كل شيء بمراحل متدرجة وتراكمات متتالية للأخطاء والانحرافات والمخاطر والسقوط.

إن تجاوز هذه المرحلة يقتضي تغيير طريقة التفكير وإحداث المراجعات الجذرية وليس التمسك والإصرار أكثر على الجانب التقليدي الشكلي والكلام الإنشائي العاطفي المليئ بالمبالغات والمزايدات وإنما إعادة الروح والحياة للثورة وقيمها ومنطلقاتها.

لايمثل الحوثيون أي خطر حقيقي على الثورة والجمهورية من الناحية الشكلية والتقليدية بل قد يكون اكثر تمسكا بذلك وبالتالي فإن المعركة معهم على الجانب الشكلي معركة خاسرة حتى وإن تم النصر والانتصار عليهم.. وإعادة الروح الوطنية الحقيقية للثورة والجمهورية هي عودة وطن وإعادة حياة وأمة وشعب ولن تقف أي عوائق أمام هذا الانبعاث الوطني والشعبي.