عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

لعنة الشرعية وذنب التحالف

Friday 12 October 2018 الساعة 02:34 pm

منعطف جديد بين التحالف والشرعية لربما يكون هو الأخطر.

منذ بدايات تدخل التحالف والمؤشرات تدل على خلافات وطريق مسدود ستكون بين الشرعية والتحالف.. لأسباب غاية في البساطة والوضوح، ترتكز اساسا على ضعف أداء الشرعية وعجزها، هذا السبب هو نفسه الذي أدى لسيطرة الحوثي وتدخل التحالف، هو مرة أخرى سبب تفاقم الخلاف بين الشرعية والتحالف.

تحمل التحالف أكثر مما كان ينبغي عليه أن يتحمل إلى حد أن قام وباشر أدق التفاصيل في مسؤولية الشرعية على الواقع، بينما الشرعية لسنوات تسترخي في الفنادق الفخمة..

ظلت الشرعية في برجها العاجي مفصولة عن الواقع تتماهى في خطاب سياسي غوغائي كما أن التحالف تعرض لكل الإخفاقات والخيبات حين صدق الشرعية وراهن عليها ببعض ما قدمته والتزمت به.

اليوم الأمر مختلف، لم تعد الأزمة أزمة تراكمات إخفاق وفشل الشرعية وحسب فقد أضيف إليها أزمة أخرى بكل تداخل وترابط وتشابك معقد بين الازمتين: الأولى إخفاق الشرعية وعجزها وقصورها.. وهذه هي اللعنة على الشعب اليمني والمحيط الخليجي والأمة العربية، لأنها كانت الثغرة التي مكنت الأعداء المتربصين بالأمة من الطموح والجرأة لتحقيق أهدافهم وفرض سيطرتهم.. ورغم التحرك الخليجي والعربي لمواجهة هذا الخطر وإفشال أحلامه وأهدافه فمازالت تطاردنا لعنة الشرعية بضعفها وعجزها وخيانتها للقيم الوطنية والقومية.

والثانية، الأزمة الخليجية مع قطر وخروجها من التحالف العربي، بسبب سياسة وإصلاحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي صححت بعمق العديد من السياسات الداخلية والخارجية للمملكة والتي كانت الضرورة تقتضي القيام بها بكل جرأة لإنقاذ المملكة من الموت البطيئ الذي كانت تعاني منه، حسب تعبير الكاتب الأمريكي فريد مان والتي كانت من هذه السياسات الإصلاحية الجريئة، الضغط على قطر لإيقاف دعمها للإرهاب. هنا أصبح كل بحاجة أكثر واكثر للآخر.. قطر والاخوان وهادي. هادي يهرب من فشله ليحتمي بالاخوان، الاخوان يتمترسون خلف هادي ويتوغلون حوله، قطر تعيد استخدام الاخوان وتشجيع دورهم التخريبي نكاية بولي العهد السعودي وابتزازا وعرقلة للتحالف.

نحن حقيقة بين أزمتين، أضف إلى أن كل أزمة تتكون من عدة أطراف سياسية مختلفة، وكل هذه الأزمات بنتائجها وواقعها وماضيها وحاضرها مبنية على تراكمات متوغلة في صلب العملية السياسية.

وبالتالي فإن الأزمة المعقدة لاتحتاج إلى أكثر مما هي عليه من التعقيد كما لاتحتاج الى إشعال فهي مشتعلة بطبيعتها.
ما يجب علينا هو التفكير بمخارجها ومواجهتها بأقل الخسائر الممكنة. وهذا هو كل ما نملك وما تمليه علينا ضمائرنا ومسؤليتنا في مصارحة ومناصحة التحالف بكل شفافية.

أول الطرق السلمية أمام التحالف في مواجهة هذه الأزمة، هو عدم ارتكابه أخطاء وذنوب جديدة كبيرة ومكلفة ومراجعة أخطائه وذنوبه السابقة التي صبت في صالح لعنة الشرعية، والتعلم من هذه الأخطاء ووضع حلول جذرية لها.

أهم ذنوب وأخطاء التحالف السابقة هو الخطاب الإعلامي والسياسي والدبلوماسي لتبرير تدخل التحالف لإعادة الشرعية وفق منطلق خطاب عودة الشرعية الأكثر ضعفا وعجزا وعودة أحزاب وقوى مختلفة لتبني خطاب التحالف بعودة الشرعية، طمعا بالمكاسب والعطايا المبالغ فيها من السعودية حين كانوا قبل العاصفة قد تعايشوا وخضعوا لسلطة الحوثي وكذلك دعم لغة خطاب طائفية وجماعات دينية وإحداث إعاقة وتوقف للخطاب الوطني والقومي.

كان الأجدر تقديم الخطاب الاعلامي والسياسي والدبلوماسي كخطاب عربي قومي واضح، بأن التدخل دفاع قومي مشروع للأمة ضد خطر وعدو قومي يتربص بها وكان من الطبيعي بأن ينتج هذا الخطاب وهذه الرؤية الواضحة تحالفا عربيا حقيقيا وجوهريا أكثر من كونه شكليا ومتقطعا، وبأن تتبلور حقيقة هذا التحالف العربي وتدخله المشروع لحماية نفسه تحركا دبلوماسيا وسياسيا اكثر قوة وكفاءة ووحدة في مواجهة المخاطر والضغوطات الدولية المختلفة وكذلك ينتج خطة عسكرية عربية موحدة بمشاركة حقيقية للجميع في الإعداد والتنفيذ، كلا حسب نقاط قوته.. كان هذا سيضعنا أمام نجاح حقيقي وقيم قومية عامة أكثر وضوحا ونجاحات عسكرية أكثر قوة ويترك للواقع الوطني اليمني فرصة تفاعله وتبلوره الوطني الأكثر وعيا وعمقا.

خلاصة.. إن التدخل بأمر داخلي تفصيلي ممثلا بإعادة سلطة فشلت في مواجهة مليشية كان أمرا خاطئا وإلى الآن يدفع الجميع ثمن هذا الخطأ، واتضح اليوم بكل ما لا يدع مجالا للشك ما تسمى شرعية وبكل ما بذلت لها ولاجلها السعودية والتحالف هي لعنة وخطر لايقل عن الحوثي، وعلى التحالف اليوم إصلاح اخطائه السابقة بخطاب إعلامي ودبلوماسي وسياسي جديد واعطاء الجو المناسب لتشكل بيئة وواقع سياسي يمني جديد بحل التأزمات الأساسية لا إعادتها من جديد.